كتب المحامي : بشار الحريري
باتت السياسة الأميركية تشكل خطرا و تهديدا حقيقيا للتنظيم الدولي القائم على أساس احترام السيادة الوطنية للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة و عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية من قبل أي دولة أخرى عضو في المنظمة الدولية و هذا ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة، و ما و طدته لاحقا قواعد القانون الدولي العام تماشيا مع ماجرى عليه العرف الدولي في إطار العلاقات الدولية ما بين الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
و هو ما يجب أن تلتزم به أيضا كافة المؤسسات و الهيئات التي انبثقت عن المنظمة الدولية استنادا إلى ميثاقها .
مع البيان أن الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاءها هم من صاغوا ميثاق الأمم المتحدة الحالي و شكلوا بنيتها التنظيمية القائمة بعد خروجهم منتصرين في الحرب العالمية الثانية محتكرين لدولهم العضوية الدائمة في مجلس الأمن و هذا بحد ذاته يتناقض مع مبدأ المساواة بين الدول الأعضاء، و مبدأ احترام السيادة الوطنية لكل دولة من قبل بقية الدول الأعضاء . و هذا يعتبر وفق الفقه القانوني الدولي احتكار للسلطة و يعبر عن ديكتاتورية دولية في قيادة المنظمة الدولية و تكريس النفوذ الدولي للأقوى!
إذا نجد أن الأساس الظاهر الذي قامت عليه الأمم المتحدة هو احترام سيادة القانون الدولي و الاحتكام إلى قواعده و ميثاق الأمم المتحدة في حال الخلافات بين الدول الأعضاء ….
في حين أن الواقع الدولي و هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على المنظمة الدولية و هيئاتها و بشكل خاص مجلس الأمن الدولي مع حلفائها الغربيين فضح هذا الأساس الهش الأوهن من بيت العنكبوت.
و كل ذلك ظهر جليا في قرارات مجلس الأمن الدولي المعادية لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها و لا سيما حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و إقامة دولته المستقلة على تراب فلسطين و عاصمته القدس، و المؤيدة للكيان الصهيوني الذي اغتصب أرض فلسطين و طرد شعبها استنادا إلى وعد بلفور و اتفاقية سايكس بيكو و اللذين يشكلان إلى اليوم تهديدا صارخا للأمن و السلم الدوليين و الذي يقع على عاتق مجلس الأمن الدولي حمايتهما!
و هنا نرى التناقض و الخرق الفاضح لبنية الأمم المتحدة و ميثاقها، من قبل دولة عضو مؤسس فيها و عضو دائم في مجلس الأمن الدولي منوط بها الحفاظ على الأمن و السلم الدوليين! حيث تنتهج سياسة مغايرة لقرارات الشرعية الدولية استنادا إلى مبدأ قانون القوة المناهض لمبدأ قوة القانون و هو ما شكل و أسس إلى انتشار الفوضى في العالم و ظهور الفكر المتطرف برعاية دولية و لا سيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها!
و خير دليل على كل ذلك و غيره فيما يجري اليوم في العديد من دول العالم هو :
_ اعتراف كونداليزا رايس عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية بنشر ما سمته آنذاك بالفوضى الخلاقة !
_اعتراف هيلاري كلينتون وزيرة الولايات المتحدة الأمريكية السابقة و المرشحة الرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية في مذكراتها أن الإدارة الأميركية هي من أنشأت و دعمت ما يسمى اليوم بداعش!
_ اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة موحدة إلى الكيان الصهيوني!، و نقلها سفارتها إليها ضاربة بذلك عرض الحائط كل القرارات الدولية و لا سيما ( 242 ، 338 ، 194 ….. ) و نقضت بذلك مبادرة السلام العربية التي اعتمدت و أقرت دوليا من قبل الأمم المتحدة.
_ تدخلها و وجودها العسكري في أراضي دول أعضاء في المنظمة الدولية و السيطرة على مقدرات شعوبها و سرقتها ( سورية ، العراق ..) و غيرها من الدول دون اي تفويض من مجلس الأمن الدولي ، و التي هي أحد أعضائه الفاعلين بل المهيمنة عليه و المعطلة لقراراته .. حيث أخذت تعمل على إصدار قرارات و تشريعات من قبل الكونجرس الأمريكي لتغطية مخالفتها و خروقاتها و انتهاكاتها الدولية لما يسمى بالشرعية الدولية .. و هي بذلك تفصح بشكل جلي و واضح عدم اعترافها بالمنظمة الدولية و عدم احترامها لقواعد القانون الدولي .
فغطرستها السياسة هذه و انتهاكاتها المستمرة لما يسمى بالشرعية الدولية و المعتمدة على قانون القوة بدلا من قوة القانون أضحت تشكل تهديدا للأمن و السلم الدوليين و إلى إ
انهيار المنظومة الدولية و نشر الفوضى و الجريمة في العالم . و هو ما يعكسه واقع مايجري في العديد من دول العالم.
زر الذهاب إلى الأعلى