بقلم /المفكر محمد حسن كامل
الفرج من صاحب الفرج
ربنا يفرجها على كل معسر بالفرج
يا سلام يا عم فرج لما يجي الفرج
للفرج دروس وعِبر ويا بخت من اعتبر
العواصف تدمر كل شئ
مصدر للخراب ومستحيل تكون مصدر للفرج
ولكن مع عم فرج الكل بالعواصف انفرج
انتظر يا ابني معايا الفرج
في حكاية شيخ الفرج عم فرج
من المنطقي أن تلقن الحياة للناس دروساً لا تُنسى ولا تُبلى
ولاسيما وأن الحياة لها من الخبرة بما تقدمه من عبرة وعظة .
ولكن هل هناك من يُعلم الحياة ما لم تعلمه ؟
سؤال عاصف للذهن تجيب عنه قصتنا تلك :
أدرك عم فرج انه لم ير الدنيا من قبل , لم يعرفها حق المعرفة , ولاسيما قد أنفق من جراب العمر حياة طويلة في رغد العيش ووفرة الرزق و ثروات لا تعد ولا تُحصى , فضلاً عن الوجاهة الاجتماعية التي كان يتمتع بها , التي جعلته من أهل الحظوة وبلاط السلطان .
كان مقصداً لكل معوز , ومعاوناً لكل فقير , كان ينفق في السر أكثر من العلن , مما جعله محسوداً على النعمة في الرزق والصدقات .
وهبت رياح القدر لتبدل حاله من غنى إلى فقر , ومن سعة الرزق إلى بيداء الفاقة , تراكمت عليه الديون بعد أن فقد ثروته وتجارته وبضاعته …..!!!
هنا التقى بالوجه الأخر من الدنيا…..هذا الوجه الذي لم يعرفه من قبل , فارقه الملأ الذي كانوا بالأمس حوله , تنكر له الأصدقاء قبل الأعداء .
باع قصره ومتاعه …… وهجر المدينة التي شيد فيها مجداً وعزاً….., سكن في كوخ حقير يداعبه صفير الرياح في البرية الموحشة .
فقد الكل إلا رب الكل ….راح يصلي لله ركعات بنية سداد الديون…., ولاسيما وهو يخشى أن ينفق عمره دون أن يسدد دينه .
بدأ في صلاته ــ صلاة سداد الديون ــ مع كل فرض من الصلوات الخمس وهو يدعو الله أن يرزقه ليسدد ديونه قبل أن يرحل من تلك الحياة .
عاش في البرية يأكل من عمل يده , تعلم فن القنص والصيد , تسلق الجبال , عشق الوديان والسهول والهضاب , رأى جمال الكون الذي يسبح الله دون سواه .
تعلم فن التصوف والزهد , كوّن صدقات جديدة مع الحيوانات والطيور والنباتات والزهور والجداول والشلالات , كانت تلك الصداقات كلها أسرته وثروته .
تعلم فن التسبيح والتقديس لله مع كل المخلوقات التي كانت تعيش معه .
وفي ليلة عاصفة شديدة العواصف والأعاصير , هبت على تلك البرية لتأتي على اليابس والأخضر , اختبأ صاحبنا في كهف من كهوف الجبل ريثما تمر الأعاصير وتهدأ العواصف الداكنة القاتلة , وهدأت الأعاصير بعد أن دمرت كل شئ , حتى كوخه القديم البالي اختفى لم يعد له أثر , راح يبكي على أطلال كوخه القديم الذي كان يصلي فيه صلاته وشهد تضرعه .
ولمعت في عينيه عَبرة , وانحدرت منهما دمعة , التي راحت تزيل حبات من الرمال التي خلّفتها الأعاصير لتكشف عن شئ معدني لامع , أزاح صاحبنا طبقة التراب ليجد كنزاً من الذهب أهداه له الإعصار المدمر , ربح صاحبنا صلاته وسدد ديونه وعاد إليه سلطانه , لكنه لم يتنكر للفقراء والمحتاجين بل عاد ليلقن الحياة درساً لن تنساه……!!!
هكذا عم فرج صاحب كنز الفرج
قول معايا ” الفرج يا صاحب الفرج “