تقرير و متابعة : راما محمد
هو فنان شامل متكامل الأركان يدرك ما يحتاج إليه ويمتلك كل مقومات الإبداع
السدير يظهر في هذا الموسم بدور متقن التفاصيل وكأنه يحيك تفاصيل الشخصية حياكة من خيوط الحرير الناعمة المتينة
فالسدير يلعب دور معتصم وهو شاب تورط في قضية قتل واستفاق على ما فعل ليرى أن لا مفر من اللامبالاة حتى لا تلتف حبال المشنقة حول رقبته .
ليجسد تلك الشخصية بطريقة مدروسة بشكل فني عميق يكاد لا يترك صغيرة ولا كبيرة من تلك التفاصيل إلا وقدمها بطريقة توحى بمكنونات تلك النفس المجرمة اللامبالية .
تلحظ حينما تراه أن السدير لا يلتفت التفاتة ولا يرمق بنظرة ولا ينطق بكلمة إلا لتسقط في مضمار الحالة النفسية للشخصية
اللامبالاة القاتلة المستفزة رغم الخوف الذي يشبع النفس الإنسانية عند ارتكابها أفعال منافية للعقل والأخلاق القدرة على التحكم بردود الأفعال والانفعالات
الهدوء القاتل كما البركان الهادئ فلا تدري متى يثور ليحرق كل ماحوله ومن حوله لكنك رغم ذلك بين غمضة عين والتفاتتها ترى وتدرك ذاك الخوف الدفين الذي يحاول جاهداً اخفاءه رغم لا مبالاته وسخريته المقصودة .
قد نسأل أنفسنا كيف لشاب في مقتبل العمر أن يستطيع تقديم هذا الدور بكل هذه الاحترافية
وخاصة أن لكل حالة نفسية لغتها وشيفرتها و علينا أن نلامس واقعها حتى ندركها الإداراك الكامل كما من الصعب الخوض في مكنونات النفس البشرية مهما كانت درجة الاحتكاك بتلك الشخصيات في الواقع كبيرة فتبقى المشاعر التي تعتري الإنسان وليدة اللحظة التي يمر بها و حبيسة النفس لا يحس بها الا من عاش حالة مشابهة .
ولكن السدير استطاع فك تلك الشيفرة لهذه الشخصية وترجمتها بأدق التفاصيل وأن ينقل مكنونات النفس البشرية بحذافيرها ولم يكن ذلك النقل اعتباطياً بل كان نقلاً مبنياً على أساس أكاديمي ودراية كاملة بكل جوانب الشخصية ابتداءً من شكلها الخارجي وانتهاء بنبرة الصوت وحركاتها وتصرفاتها ونظراتها
قد نسأل أنفسنا كيف لمثل هذه الشخصيات أن تعيش بصورة طبيعية آمنة مطمئنة لا تشعر بتأنيب الضمير وبفظاعة ما ارتكبت بعد هذا الفعل الشنيع
لن نتساءل كثيرا فقد أوجدنا المبرر الدرامي النفسي ألا وهو تصرفات معتصم منذ الطفولة واهتماماته التي كانت عنيفة وذات ميول إجرامية وعدوانية منذ الصغر ليكون هذا التفصيل من ضمن التفاصيل الدقيقة والمبررات الدرامية الهامة جدا التي تلفت النظر لكل لبيب ليدقق ويمحص في تصرفات الأطفال حوله
فشخصية معتصم كان لها خلفية نفسية منذ الطفولة مبنية على ميول عدوانية لكنها لم تلقَ حينها آذان صاغية ولم يشعر أحد من ذويه بالخطر المحدق .
قدم السدير مسعود كل هذه التفاصيل في صورة هادئة و متخبطة في آن معاَ وفق توازن عظيم لا يحمل من المصادفة شيئاً لنشهد بذلك على ولادة مبدعٍ جديد بإمكانات عظيمة جداً
ولايكاد يخفى على أحد أنه متميز في الإخراج الذي غير الصورة النمطية للاعلانات من خلال اخراجه اعلاناً مبنياً على مادة تحمل من الفن ما تحمل من بطولة كل من الفنانين ( عبد المنعم عمايري وفايز قزق ومصطفى المصطفى ) السدير قد استلم في هذا الاعلان دفة القيادة ليوجه انفعالاتهم بالطريقة التي تخدم رؤيته الاخراجية و يمكن للمشاهد من خلال تلك الرؤية التمييز بين مخرج وآخر فكل رسام يرسم ما تراه العين فاختلاف النظرة تحكم على الابداع وكذا المخرج يتميز وفق زوايا كاميرته و مايقدمه من افكار مبدعة لمواضيع نمطية وكذا من خلال نظرته المبدعة ورؤيته البصرية ليتميز السدير بالعين والنفس المبدعتين
إقرأ المزيد. مقابلة مع السيد آدم : « عملٌ بوليسي أشبع عطش السوريين »
الحب الحقيقي في حياة فاتن حمامة هل كان عمر الشريف أم الدكتور محمد عبد الوهاب؟