بقلم / محموددرويش
يبدو أن شهر العسل بين النادي الأهلي المصري والمستشار تركي آل الشيخ انتهى رسميا هذه المرة، بسبب ما اصطلح على تسميته أزمة النجم حسام عاشور الذي تقرر الاستغناء عن خدماته نهاية هذا الموسم برغبة من المدير الفني رينيه فايلر، بسبب تراجع مستواه، ما دفع اللاعب للارتماء في أحضان الرئيس الشرفي تركي آل الشيخ، الذي تهكم على إدارة النادي ووعد عاشور بإقامة مباراة اعتزال من تنظيم ناديه الإسباني ألميريا وتعويضه ماديا، الأمر الذي استفز إدارة الفريق المصري التي أعلنت أنها أولى باقامة مباراة اعتزال لنجمها، الذي لعب ستة عشر عاما في الأهلي وحقق ستة وثلاثون لقبا، ما أدخل كل الأطراف في حرب تصريحات وتصريحات مضادة أساءت لسمعة النادي المصري العريق، الذي كان دائما يحسن التعامل مع نجومه ولاعبيه خاصة عند الاعتزال أو الانتقال من ناد لآخر.
التصريحات والاتهامات المتبادلة واللغط المثير للاستفزاز دفعت بمجلس إدارة النادي الأهلي إلى إعفاء المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية، من الرئاسة الشرفية للنادي المصري، وليس قبول استقالة المعني كما يزعم في تصريحاته، وتقرير إرجاع كل المساعدات والتبرعات والهدايا التي منحها الرجل للأهلي والمقدرة بأكثر من 120 مليون جنيه مصري حسب إدارة الأهلي، و250 مليونا حسب المستشار تركي، إضافة إلى الغاء كل الامتيازات التي كان من المقرر تقديمها للاعب حسام عاشور، الذي قرر بدوره في سيناريو جديد التراجع عن الاعتزال بحجة تلقيه عرضين من السعودية والبرتغال، وعاد ليستفز إدارة الأهلي وجماهيره بتقديم شكره للمستشار تركي آل الشيخ على كل الدعم الذي قدمه له، ما أثار سخطا كبيرا في وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المصرية التي جعلت من الموضع قضية رأي عام.
جماهير عريضة من الأهلي دخلت على الخط وأعلنت تأييدها لقرارات إدارة النادي الأهلي التي وصفتها بالتاريخية، رغم أن البعض اعتبرها متأخرة بسنتين كاملتين منذ مجيء المستشار تركي آل الشيخ، الذي اعتبره البعض مصدر ازعاج للنادي رغم الدعم المالي الذي قدمه للفريق، فيما اعتبر البعض الآخر أن النادي المصري أكبر من كل شخص مهما كانت طبيعته ووزنه، سواء كان مسيرا أو مدربا أو لاعبا، في حين راح البعض من جماهير النادي يعتقد بأن حسام عاشور تعرض للظلم ووقع ضحية تركي آل الشيخ بعدما كان جزءا من اتفاق ثلاثي بتكريمه وتنظيم مباراة اعتزال، قبل أن تتراجع إدارة الأهلي بحجة تصريحات اللاعب التي انتقد فيها الإدارة التي لم تقصر معه طيلة مشواره الكروي، وجعلت منه نجما كرويا محبوبا.
الخاسر الأكبر في القضية هو اللاعب حسام عاشور الذي ستكون نهايته دراماتيكية إذا لم يرتم مجددا في أحضان ناديه وجماهيره، التي احتضنته لسنوات بحلوها ومرها، قبل أن يتحول من أسطورة إلى مغضوب عليه في نهاية مشواره بسبب تنظيم مباراة اعتزال لا تغني ولا تسمن من جوع، بعد سنوات جميلة قضاها في الفريق الذي كانت له أفضال كبيرة على كل لاعبيه، بما في ذلك حسام عاشور الذي لا يستحق بدوره كل الحملة الإعلامية والجماهيرية الشرسة التي تعرض لها، خاصة بعدما استجاب لرغبة النادي في التوقف عن اللعب، وقال إن قرار تنظيم مباراة الاعتزال من تركي آل الشيخ جاء بموافقة إدارة النادي الأهلي، تكريما للكابتن التاريخي للأهلي الذي أخطأ بدوره في التهكم على فريقه في لحظة غضب وفترة ضغوطات رهيبة عاشها.
القضية أسفرت عن رحيل تركي آل الشيخ من الرئاسة الشرفية للنادي، وهو الأمر الذي لم يختلف بشأنه كل أهلاوي، ورحيل حسام عاشور من الباب الضيق، وهو الأمر الذي اختلف بشأنه عشاق النادي لأنه لا يليق باللاعب ولا بالأهلي المصري الذي لم يعتد على التعامل مع لاعبيه بهذا الشكل، لأنه ليس مجرد فريق كرة، بل هو عائلة كبيرة بتقاليد عريقة تجمع ولا تفرق، ويبقى كيانا تربت في أحضانه أجيال من المسيرين والمدربين واللاعبين، وحتى المناصرين الذين انخرطوا في منظومة اجتماعية ورياضية على مر التاريخ، وكان دائما يدين بالعرفان لمن صنع أمجاده في إطار ثقافة وتقاليد عريقة أسس لها رجال جعلوا منه نادي القرن في أفريقيا.
أصوات الحكمة والعقل بدأت ترتفع وسط هذا اللغط لتدعو إلى تصفية النفوس والبحث عن صيغة توافقية تخرج النجم حسام عاشور من الباب الواسع، وتحفظ للأهلي كرامته وسمعته، خاصة بعد ترحيل تركي آل الشيخ من الرئاسة الشرفية للنادي الذي لم يكن بحاجة إلى تهريج وتسييس، ولا إلى دعم مادي خلال الفترة الماضية، بقدر حاجته إلى تلاحم كل أفراد أسرته بغض النظر عن الأشخاص الذين يرحلون، ويبقى الأهلي كبيرا بمسيريه ولاعبيه وجماهيره المدعوين أكثر من أي وقت مضى إلى لم الشمل.
زر الذهاب إلى الأعلى