بقلم : فرقد الربيعي
رياح حمراء ورايات سوداء تفوح منها رائحة الدماء و رسائل موت تطرق الابواب تنشر الرعب ، عقول ممسوخة ، ونفوس ملوثة ، وافكار عفنة ، صراع سياسي مقيت ، امة مستضعفة تنهش جسدها ضباع طهران وثعالب واشنطن ، من رماد الحرب ينبعث داعش من جديد ، رُسل موته تُمزق السكون وتُثير هواجس القلق ، من سيناء وسامراء هذه المرة تطل الفتنة السوداء برأسها ، في العاشر من ديسمبر 2017 اعلنت بغداد استعادت الأراضي التي سيطر عليها التنظيم صيف 2014 وتبلغ نحو ثلث مساحة العراق في شمالي وغربي البلاد ، وقد اعلنت عدة بلدان عربية هزيمة داعش من بينها مصر الشموخ والإباء ، في تلك الحرب اتحدت قوى العالم تحت عنوان التحالف الدولي لأستصال هذا المد التكفيري الذي بات مصدر خطر للامن الدولي و قد ظن الجميع انه تلاشى الى حيث لا رجعة بعد ان تكبد خسائر فادحة في صفوف مقاتليه ، ومقتل الخليفة المزعوم كانت خطوة باتجاه الفناء المطلق لهذا التنظيم التكفيري ، ولكن اليوم يُفاجئ العالم بأعادة تنظيم صفوفه ، وهذا ما كنا نتحدث عنه منذ سنين بأن السلاح لن يقضي على التكفير ويستأصل جذوره وينهي وجوده للأبد ، بيد ان تمت إبادة داعش عن الوجود ستخلق تشكيلات وحركات أخرى ووجه آخر للارهاب وستبقى لغة التكفير مطردة مادام لم تُقتلع الجذور ، والحق ان التحالف الدولي الذي اطاح بتنظيم داعش قد اعطى لمرضى العقول والنفوس المبرر الوهمي ليتأصل باعتقادهم أحقية قضيتهم وهذا مما يزيد من عنادهم ، فنحن اليوم بحاجة لطاولات نقاش علمي مع الشباب المتطرف ورموز التطرف عن طريق اقامة حوارات و مناظرات علمية ، ربما يعتبر البعض ان هذا الطرح مثالياً ولا يمكن تطبيقه على ارض الواقع ، ولكن يتحتم بذل الجهد لاستدراجهم الى طاولات الحوار مع السعي حثيثا لتشكيل هيئات فكرية لمناقشة التراث الإسلامي، لان الاستمرار باستنكار الارهاب فقط وسوق أبناءنا الى مقاصل الذبح الطائفي والتشدد الديني بحجة قتال العصابات الإرهابية لا يجدي نفعاً ، بات من الضروري استقصاء الحقيقة والبحث و التحقيق العلمي بموضوعية دون تحيز مسبق وقبول النتائج ، ولكي نقطع الطريق على جميع المتحيزين فكريا وحتى لا يظن احدهم بأن دينه او مذهبه منزه ولا توجد فيه نصوص او رموز تكفيرية ، ولكي نغلق الطريق على المتصيدين بالماء العكر اقول ان الأديان منزهة ولكن دُست إليها نصوص تكفيرية بعيدة عن اطروحة السماء العادلة ، فلا يوجد تنزيه في المقام لطرف معين، وبما ان أغلب فرق التكفير تُحسب على الإسلام وجب علينا التركيز عليه وتشخيص مكامن الضعف ومعالجتها لان التكفير ك نصوص مدسوسة موجودة في الاسلام بكلا مذهبيه الرئيسيين الشيعي والسني فأن استطعنا انهاء لغة التكفير وذلك بتطهير التأريخ الإسلامي من خلال اقصاء نصوصه الحمراء القاضية بسفك الدماء وإباحة الحرمات ، بذلك نكون قد اغلقنا الابواب على العدو الذي ما انفك موجها سهامه للنيل من الإسلام و الانسانية ، فان تم تجفيف منابع الارهاب الفكري سينقطع الطريق حتما على قوى الظلام في العالم التي تعمل لإيجاد تشكيلات ارهابية بأسم الإسلام للاطاحة به ، التكفير والخرافة من اهم الثغرات التي تضعنا في احراج امام جميع الامم وتعيق مسير امتنا عن التقدم ، لذا علينا ان نقدم للعالم اسلام محمدي اصيل وليس اسلام صهيوني او امريكي او فارسي ( الاسلام المشوه ) ، ف ليس لنا عداء مع الإنسان بما هو إنسان ولكن يكمن عداءنا مع ساسة الدجل والنفاق الذين يسعون جاهدين للإطاحة بامتنا دون ان يحترموا انسانيتنا او ديننا او قوميتنا ، لذا فلا طائل من استمرار أستنكار الإرهاب وتقديم التعازي فالتاريخ الاسلامي يعج بتلك المآسي ، آن الأوان لإنهاء تلك الويلات فقد خسرت الإنسانية في مسيرتها الدامية الملايين من الأرواح وليس من مصلحة الإسلام تقاتل أبناءه وهذا التناحر يخدم كل الأطراف التي تسعى للإطاحة به ، اما الإشاعات الباعثة للريب بخصوص تحرك داعش نسأل لمصلحة من يتحرك هذا الكيان الغريب ؟ وماهي الثمار المتوخاة من تحركه الآن ؟!!! نفهم من بين الاسطر بأن العدو متغلغل بيننا ، حيث يرصد تحرك القوى الأمنية ولا يوجد رصد حقيقي لكشف العدو وكل ذلك بسبب تداعي الخلافات السياسية ، فأن التصعيد الأمني الذي تشهده البلاد منذ اكثر من شهر يوعزه البعض ألى ان ايران تقف وراء تحرك داعش بحجة إستثمار داعش للصراع السياسي القائم بالعراق وعدم وجود سلطة تحكم البلد للضغط على فرض من يمثلها ، وآخرون يوعزون تحرك داعش بإيعاز من أمريكا لأن الحكومة والشعب رفض تواجدها وكل من الأطراف يضغط لتحقيق مصالح معينة ، ويبقى السؤال الأهم من ذلك الى متى نبقى تلك الامة البائسة بحيث تبقى تضغط القوى الكبرى في العالم والمنطقة بحفنة عصابات تكفيرية لارضاخنا للقبول باملائاتهم التي تخدم مصالحهم ، باسم الإسلام التكفيري يسحق على رؤوسنا ، لو استطعنا هزم التكفير والخرافة في التأريخ الإسلامي سنُصبح أقوياء ولن تستطيع ايران او تركيا او اسرائيل او امريكا او غيرهن لفرض املائاتها علينا و في حال اعلنا عدم موافقتنا و رفضنا لاجنداتهم تعبيرا عن احترامنا لسيادة بلداننا ورفض التدخلات الخارجية تُحَرَكْ قوى التكفير لزعزة امن الدولة ، يقع اللوم علينا نحن البائسون العاجزون عن تهذيب تاريخنا الذي يُستثمر من قبل تلك القوى للتحكم بنا واستعبادنا ، فلابد من اعادة قراءة التأريخ وتنقيح الموروثات التي تسببت بهذا التطرف ف نحتاج الى حملة فكرية كبيرة لمقارعة هذا المد التكفيري ف على الحكومات مقارعة الإرهاب بأن تستدعي المفكرين لقراءة التأريخ وتبيان جذور التكفير وتصحيح المسار الفكري كما ندعو المفكرين والكتاب و علماء الاسلام الصادقين المتحررين لتشكيل جبهة موحدة لاعادة قراءة التأريخ ورفد الامة بقراءات جديدة تعيد للامة امجادها وهيبتها وتحرر العقول وتنقذ ما تبقى من شتات الامة الاسلامية.