بقلم / نجلاء الراوي
كنت قد سمعت قصة أعجبتني .. وتأملت الحكمة من ورائها.. فالقصة تحكي عن رجل فقير يشتكي ضيق الحال، فأشار عليه أحد أصدقائه أن يذهب إلى ملك المدينة ويعرض عليه شكوته وأنه من المؤكد سيساعده ويجد له الحل، بالفعل ذهب الفقير إلى الملك وقصَّ عليه قصته وأوضح له شكواه، فااستمع إليه الملك بكل إنتباه وعيناه تتفحصه، وعندما خلص الرجل من حديثه قال له الملك أتعلم يا رجل إنك ستظل سبع سنوات قادمة تعاني ضيق الحال، فنظر إليه الرجل باستغراب والدهشة تملأ عينيه وسأل الملك مسرعاً وماذا سيحدث بعد السبع سنوات، فأجابه الملك ستكون قد تعودت على حالك هذا.
الحكمة من تلك القصة أننا ببساطة إن لم نعمل على تغيير ما لا يرضينا فمع مرور الوقت سنتعود، بل ونتأقلم تماماً مثل الطباع التى هي جزءً لا يتجزأ من شخصية الإنسان، بعض الطباع تُكتَسب من خلال ظروف النشئة والبيئة المحيطة، والبعض الآخر يُكتَسب بالتعود إلى أن يصير طبعا مُلازما للشخصية، مثل من اعتاد القسوة أو الرحمة واللين، أو كمن اعتاد القوة، من اعتاد المواجهة أو الجبن وهكذا.
في حقيقة الأمر نحن كبشر إذا استسلمنا للتغيرات التي تحدث في حياتنا دون محاولة إصلاح وتركنا الأمر كما هو سنعتاد ذلك دون أن ندري، سواء فُرض علينا ذلك أو اخترناه وهنا «اخترناه بالثبات نحوه دون محاولة تغيير الأوضاع التي طرأت»
التأقلم ليس صعبا وليس نجاحا، بل النجاح الحقيقي هو عدم الاعتياد والإتجاه نحو التغيير لما تراه غير مناسب، وتطوير الذات وتوسيع الأفق وفتح مجالات جديدة بعد دراستها، والاستعانة بذوي الخبرات والانطلاق دون خوف من الفشل فكلما كان الإنسان علي قدر كبير من الثقة بالنفس واليقين بالنجاح فسيحقق النجاح لا محالة.
كم من كبوات وسقطات تحدث، وكم من إناس استسلمت لحال لا ترضاه وأصبحت الشكوى والتذمر عنوان حالها ولم تعمل على تغيير ذلك الحال ، هذا نموذج ، وعلي الجانب الآخر نموذج لإناس تعرضت لسقطات مروعة ولم يشعر أحد بمعاناتها، لأنها تدرك إن لم تنهض هي من كبوتها، وأهدرت الوقت في الشكوى والنحيب فسينتهي بها الحال إلى ما آلت إليه، فكان خيارها الوحيد هو النهوض سريعاً والتفكير بشكل إيجابي، ولم تهدر الوقت في شكوى بلا معنى لن تجدي وتنفع وحققت نجاحها بخروجها من أزمتها دون أن يدري بها أحد .
هناك النموذجان والجميع مُخير أي نموذج يختار.
زر الذهاب إلى الأعلى