امتداداً لمقالنا السابق سنبدأ اليوم بمقال عن الفترة العمرية منذ الولادة وحتى عمر الثلاث سنوات وهي مرحلة طفولة المهد
ترد في هذه المرحلة الشكاوي التالية
(ابني يبكي كثيرا ولا اعرف لماذا …ابني عنيد ..ابني عصبي …. ابني لا ينام ان لم اكن قربه….)
ومن هذه الشكاوي ننطلق إلى التساؤلات التالية
1- كيف نربي طفل لا يعرف الكلام…؟
2- هل يمكن ان نعاقب او نكافئ طفل صغير وهل سيتفهم معنى العقوبة او المكافئة؟
3- ما هو الطريقة المثلى لنتفاهم مع الطفل بهذا العمر ؟؟
4- هل الأبوين هما الذين يربيان الطفل أم الطفل هو الذي يربي الوالدين؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة تتلخص فيما يلي:
إن هذه المرحلة مهمة جدا في بناء العادات والسلوكيات والعقل الباطن والقواعد الحياتية العامة وكل المراحل التي تليها ماهي إلا تراكمات على هذه المرحلة وتستقي من هذه المرحلة أساسياتها فالطفل في هذا العمر يتمتع بذكاء فطري وهب له ليستطيع التأقلم والعيش في هذه الحياة وهو كآلة التسجيل يحفظ كل حركة او صوت او تصرف ويحاول الاستفادة منه منذ يومه الأول، ان أغلب الناس يحصر علاقة ومهام الوالدين بالأكل والنظافة والحنان اي الحب والاحتواء وهذا صحيح جدا ولكن هناك موضوع مهم ألا وهو النظام الدقيق في هذا العمر فيجب ان يحدد وقت في البداية للأكل حسب حاجة الطفل (كل ساعة أو ساعتين أم ثلاثة ) واعتماد هذا الوقت لان في هذا العمر تبدا تشكل الساعة الداخلية في العقل الباطن للطفل ومثل ذلك النظافة والاستحمام فيجب ان يكون بتوقيت محدد إلا إذا استوجبت الحاجة غير ذلك ولكن في الحالات العادية يجب تحديد وقت محدد للاستحمام .
بالنسبة للحنان والحب هي شيء اساسي في هذا العمر وهي غذاء روح الطفل ولكنه كالطعام تماماً إن قل سبب فقر في العاطفة وخرج الطفل قاسي وغيور وإن كثر أصبح الطفل اناني ومغرور وطماع وطبعا لا يوجد مقياس للعاطفة والحنان ولكن القاعدة الذهبية في تحديد الحد الفاصل بين الإفراط والتفريط هي ((يجب ألا نلبي رغبات الطفل كلها إن علمنا انه لا يطلبها لحاجة ملحة))
وكما ذكرنا سابقاً إن الطفل في هذا العمر هو آلة تسجيل فيجب تغذيته بالمفردات والمشاعر … يجب علينا ان نحدد ساعة او أكثر نقرأ على مسامعه القصص بالغة العربية الفصحى وإن لم يكن يعرف ما نقرا ونشغل في غرفته تسجيلات للقرآن الكريم في وقت محدد وان نجعله ينام على تسجيل لصوت العصافير وموسيقى هادئة ويجب إبعاده قدر الامكان عن الاصوات المزعجة والموسيقى الصاخبة واي تشوه سمعي يؤثر عليه في المستقبل فكل ما يسمعه في هذا العمر يأثر على نفسيته وعلى تكوينه العصبي فيكون إما هادئ أو عصبي متوتر.
علينا إبعاده تماماً عن كل تقنيات الموبايل او التلفاز وعدم الاستسهال في ذلك ليلتهي عن الأم او وسيلة لإسكاته واستبداله بالراديو او التسجيل على اغاني هادئة او حديث بلغة عربية فصحى او قرآن كريم أو قصص مسموعة بصوت هادئ …او ألعاب مجسمة تصدر أصوات كل هذا يوسع من خياله ويعطيه مساحة تفكير أوسع.
إن الطفل في هذا العمر لا يملك القدرة على الكلام ولكنه يفهم المحيط الذي حوله ويجب على الام تطوير لغة ايحائية بينها وبين ابنها باللمسات وتعابير الوجه واسلوب الحضن وهذه اللغة هي التي تبقى في التعامل وترسخ في عقل الطفل الباطن…وبالتالي بالنسبة للعقاب والثواب في هذا العمر يجب أن تقتصر على ملامح الوجه فعندما يخطئ فإن تغير ملامح وجه الأم غاضبا او اختفاء الابتسامة هي عقاب والابتسامة والحنان فهو ثواب ومكافئة ويجب ان تكون فورية والا يطول العقاب اكثر من عدة دقائق بين الخمس دقائق إلى الربع ساعة كأقصى حد ….
وهنا نرى أن الطفل بهذا العمر -كما ذكرنا- على درجة عالية من الذكاء الفطري وبإمكانه أن يتحكم بالأبوين وتصرفاتهم وفق ما يترتب عليه مصالحه من جذب أكبر قدر من الرعاية والاهتمام والانتباه ونستطيع أن نقول أنه يعيد برمجتهما وبرمجة عاداتهما كما يريد .. ولكن على الأبوين ألا ينصاعا لذلك ويفرضا برنامج معين لكل الأمور حتى يسهل تربية الطفل في المراحل القادمة ولا يكون الطفل طفلاً عنيداً صعب المراس
وهنا نكون قد أنهينا مرحلة طفولة المهد وننطلق إلى المرحلة التي تليها
الطفولة الأولى من ثلاث إلى ست سنوات
وتكون بعنوان ((وبدأت الأسئلة ))
باسل عطورة
إقرأ السلسلة الأولى سلسلة أنا وولدي “مقال تمهيدي”