بقلم د. فتيحة بن كتيلة
لا تكن بلا حب كي لا تشعر بأنك ميت، مت في الحب وابق حيًا للأبد ( جلال الرومي )
ويقال علميًا أن الحب العميق يقوي الجهاز المناعي للإنسان .
خلق الله تعالى الإنسان جسدًا وروحًا ،وأحاسيس وعواطف ، وتعتبر العواطف من أقوى المحركات للإنسان، ومن هذه العواطف عاطفة الحب فهو أنبل عاطفة إنسانية فيه يحقق الإنسان السعادة والاسقرار والاتزان النفسي والعاطفي ،وأي حياةٍ تخلو من الحب فهي حياةٌ فارغةٌ تعيسة ، فهو عنصر جوهري للحياة الإنسانية لا يمكن الاستغناء عنه، لذلك نجد من الأشخاص الذي يفقدون عاطفة الحب لكل شيءٍ يعيشون اللا مبالاة لكل شيء، وسرعان ما يتخلصون من حياتهم بالانتحار ، لأن حياتهم لا معنىً لها، فالحب يجعل للحياة معنىً وهدفًا ، وهنا يقول لبورديليون : ” العقل له آلاف الأعين ، والقلب له عينٌ واحدة ، ومع ذلك فإن ضوء الحياة كلها يختفي حين يختفي الحب”.
ويعرف علماء النفس الحاجة للحب بأنها دافعٌ يميل بكل فردٍ إلى أن تكون له علاقة حميمية بآخر يبادله المحبة ويفهمه ويتجاوب معه، وهو حاجة، أي فطريٌ في الإنسان وليس له علاقة بالأسباب الفسيولوجية ، ويرى بعض علماء النفس أن الحاجة للحب هي (حاجةٌ حسيةٌ متعلقةٌ بالحواس، ويبدأ بحب الأم لما تقدمه للطفل من إشباعٍ للحاجات ، فالطفل الذكر يحتفظ بأمه كموضوع خارجي لحبه، بينما الطفلة الصغيرة فإن نموها العاطفي يكون أكثر تعقيدا من الطفل الذكر، فهي مرتبطةٌ بأمها كرضيعةٍ تلبي الأم حاجاتها ، وتوجه عاطفتها نحو الأب وهذا التنافس العاطفي الذي يبدو فيه التناقض ، إلا أنه قانونٌ طبيعيٌ لتطور العاطفة عند البنت، والمرأة مستقبلًا
فعند النضج والرشد يتحول الحب نحو الأب إلى الشاب الذي ستختاره شريكا لحياتها ، والذكر يتحول الحب نحو الأم إلى الزوجة فهي تحل محل الأم .
كما ينبغي أن نميز بين الحب كعاطفة وبين أن يكون الحب كعلاقة جسدية ( الجنس)، فالإنسان (كيانٌ نفسيٌ كما هو كيانٌ جسدي، والحب كعاطفةٍ هو الجزء النفسي ، وبينما الجنس هو الجزء الجسدي ، وهذا ما نجده عند الكثير من الأزواج أو البشر بصفة عامة حالات البغاء ، فقد يحدث اتصالٌ جسدي ( الجماع) مع امرأة ما، دون وجود اتصالٍ نفسي معها وهو الحب ، وقد يكون له اتصالًا نفسيًا مع امرأة أخرى دون وجود اتصالٍ جنسي ، والعكس صحيح .
والعلاقة بين المرأة والرجل كزوجين لها أربع مستويات وهي المستوى الروحي ، والمستوى العقلي ، والمستوى النفسي ، والمستوى البدني، والحب الأمثل المتكامل هو الحب الذي تتحقق فيه المستويات الأربعة ويتحقق فيه الإشباع لطرفين، لذلك أمر الإسلام بالنظر للخاطب والمخطوبة ولهما الحق في الرفض والقبول.
وتتمايز عاطفة الحب لدى المرأة والرجل، ويعود ذلك التمايز الوجداني بينهما إلى كون المرأة أقل استقرارًا وأقل ثباتًا من الرجل في حياتها الوجدانية والعاطفية، أي أن عاطفة الحب لديها غير مستقرة فهي متأرجحة بين الزيادة والتناقص بين برهة وأخرى، بسبب الهرمونات واضطراباتها ، لكن من حيث الشدة فعاطفتها قوية أقوى من الرجل، لكن الرجل عاطفته أكثر ثباتا واستقرارا ، لذلك شرع الإسلام شهادة رجل بامرأتين، وحرم الطلاق في حالة الحيض والنفاس، وأمر الرجل بالقوامة وبالرفق بهن وسماهن الرسول صلى الله عليه وسلم بالقوارير.
ويرى التحليلين النفسيين أن الحب هو إسقاط الأنا الأعلى على المحبوب، أيًا كان الشخص عندما يحب يحب نفسه في صورة المحبوب.
انتظرونا في المقال القادم
لماذا نحب وماحاجتنا للحب .
زر الذهاب إلى الأعلى