كلفنا الله بتهذيب أنفسنا وتقويمها لأن الغاية الأسمى للإنسان في الحياة هي عمل كل شيء مفيد لنفسه ولغيره، وكل شيء ينقله إلى الجنة.
وهنا وضح لنا الله أنواع النفس الواحدة وهى النفس المُطمئنة النفس اللوامة، الأمارة بالسوء، النفس الراضية النفس الكاملة.
وهى مراحل تستوجب من الإنسان تفعيل فِكرة واستثارة مواهبه والتركيز في كل أمر يفعله حتى لا يرتكب المعاصي والذنوب وينجي نفسه من مرتبة النفس الأمارة بالسوء،ليرتقي بفكره الحُر إلى مرتبة أعلى وهى النفس اللوامة و التي تُعد من أفضل الأنفس عند الله لأنها تُمثل ضمير الإنسان التي تلومه عند ارتكاب الأخطاء فتُعد الرقيب على تصرفات الإنسان وتُشعره بالذنب عندما يخرج عن نطاق الصواب، وبين هاتين الدرجتين يرغب الإنسان بغسل ذنوبه والاعتراف بها ورغبته في التقرب من الله فتعلو الروح إلى النفس المُلهمة والتي تعلو فيها الروح وتتقرب من الله بفعل الصواب والخير وفِي هذه المرحلة قد وصلت النفس إلى مرحلة النفس المطمئنة أي التي اطمأنت إلى أوامر الله واعترفت بوجوب فعلها أي أحبت طاعة الله ولأوامره ونواهيه، ثم تأتي مرحلة النفس المرضّية أي التي رَضِيَ الله عنها والتي قال
عنها الله بسورة الفجر” يا أيتُها النفس المُطمئِنة ارجعي إلى ربك راضيةً مُرضية”
إنها مراحل النفس البشرية وهى أيضاً رحلة مُجاهدة الإنسان مع نفسه أي كيفية تحاور الإنسان مع نفسه حتى يستوضح الْأُمُور النافع من الضار ويكون عن طريق حديث النفس والتحاور معها، فالإنسان وحده هو الذي يقوم بذلك .
قال الحَسن البصري: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً ويقول: ما أردت فعل هذا أو لِم فعلت هذا؟ كان غير هذا أولىَ، فنفس المؤمن تُوقعه في الذنوب ثم تلومه على ذلك فإن هذا اللوم من الإيمان يلوم نفسه على ارتكاب معصية وترك طاعة الله، أما الشقي فهو الذي يلومها على فوات حظها وهواها
وخلال رحلة المُجاهدة لابد للإنسان من أسلحة يستعين بها في الحياة على المجاهدة ألا وهى الصبر، فقط ليصبر الإنسان على جهاد نفسه وهواها وشيطانه، ومن استطاع ذلك فقد مَلَك نفسِه فصار مَلكاً عزيزاً، ومَن جزع ولَم يصبر على المجاهدة غُلِب وقُهِر وصار ابداً ذليلاً لشهواته، حيث جاء رسول إلى الحَسَن البصري فقال: يا أبا أسعد ما قولك في رَجُل يُذنب ثم يتوب؟ فقال الحَسَن: لم يزد بتوبته من الله إلا قُرباً،
فقال الرَجُل: ثم عاد في ذنبه ثم تاب، قال الحسن: لم يزد بتوبته إلا شَرَفاً عند الله تعالى.
هذا الموقف يوضح لنا كَرَم الله الغفور الرحيم حيث تتجدد توبة الله على عِباده حيث طلبوا المغفره، ويكون هذا شأن الإنسان المُبتدأ في الطاعة فقد تغلبه نفسه فيعود في لحظة غفلة إلى الذنب، ثم يعود لذنبه فيتنبه
فيندم ويتوب. وهكذا حتى تتحول نفسه من النفس اللوامة إلى النفس المطمئنة.
وترغيباً في التوبة والمغفره جعل الله لكل مُسلم ثلاثة أنهار يتطهر فيها من الذنوب،
النهر الأول هو التوبة، ويقول رسول الله(ص) “التائب من الذنب كمن لا ذنب له”.
النهر الثاني هو نهر الحسنات، ويقول الله تعالى”إن الحسنات يُذهبن السيئات” سورة هود.
النهر الثالث هو نهر الإبتلاءات التي تحُط الذنوب والخطايا، يقول رسولنا الكريم” لايزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنه في جسده وفِي ماله وفِي ولده حتى يُلقي الله وما عليه من خطيئة”.
نسأل الله أن يقينا شر أنفسنا ويُصلحنا، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.