كتب/خطاب معوض خطاب
في مثل هذا اليوم منذ 49 عاما وتحديدا في يوم 21 فبراير سنة 1973 استشهدت مذيعة التليفزيون الرقيقة سلوى حجازي، أثر قيام طائرات الفانتوم الإسرائيلية بإسقاط طائرة مدنية ليبية فوق أرض سيناء المصرية، وذلك مخالفة لجميع المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحرم وتجرم الاعتداء على المدنيين في الحروب، ولكن هذه عادتهم وهذا طبعهم، فالعدوان وخيانة الغدر في دمائهم.
وقد كانت الرحلة رقم 114 في طريقها من ليبيا إلى القاهرة، وأجبرت عاصفة ترابية شديدة الطائرة المدنية الليبية على الانحراف عن طريقها والدخول إلى المجال الجوي لسيناء الواقعة في ذلك الوقت تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبينما كان قائد الطائرة جاك بورجيه الفرنسى الجنسية 42 سنة يريد أن يعدل مساره ليعود أدراجه إلى القاهرة، إذا بطائرات الجيش الإسرائيلي الفانتوم تقوم بضرب خزانات الوقود للطائرة الليبية وتسقط حطامها على أرض سيناء.
اقرا أيضا سامي كلارك أيقونة طفولتنا الجميلة
وقد كان على متن الطائرة الليبية أكثر من 100 راكب من مصر وليبيا غير طاقم الطائرة الفرنسي الجنسية، وكان من بين ركاب الطائرة السيد صالح بو يصير وزير خارجية ليبيا والمخرج التليفزيوني المصري عواد مصطفى، بالإضافة إلى المذيعة والشاعرة الرقيقة الجميلة سلوى حجازي الشهيرة بلقب ماما سلوى مقدمة برنامج “عصافير الجنة”.
والجدير بالذكر أن الشهيدة سلوى حجازي قد ولدت في يوم أول يناير سنة 1933، وتخرجت في الليسيه فرانسيه، وتعد من أوائل خريجي المعهد العالي للنقد الفني، وتزوجت من القاضي محمود شريف الذي يعد من أبطال النادي الأهلي في لعبة الجمباز، كما كانت هي أيضا من بطلات الجمباز والباتيناج في النادي الأهلي.
وكانت المذيعة والشاعرة سلوى حجازي قد التحقت بالعمل في التليفزيون المصري منذ بداياته، وقدمت العديد من البرامج التليفزيونية، منها: “شريط تسجيل” و”المجلة الفنية”، و”الفن والحياة”، و”سهرة الأصدقاء”، هذا بالإضافة إلى برنامجها التليفزيوني الأشهر للأطفال “عصافير الجنة”.
وكانت سلوى حجازي تكتب الشعر باللغة الفرنسية، وقد حصلت على العديد من الجوائز عن أشعارها، ومن أشهر دواوينها ديوان “ظلال وضوء” “Ombres et clarté”، وهو ديوان شعر صغير باللغة الفرنسية صدر عن الدار القومية سنة 1964، وقد كتب له المقدمة باللغة الفرنسية وقتها شاعر الشباب أحمد رامي، وقد ترجم قصائد الديوان وأعاد صياغته باللغة العربية ثلاثة من كبار الشعراء المصريين، هم الشاعر الكبير أحمد رامي والشاعر المبدع كامل الشناوي والشاعر الكبير صالح جودت، ومن مقدمة قصيدة “أول ضعف” ترجمة الشاعر الكبير صالح جودت:
“كان قلبي في الهوى طوع يدي
إن تهامست إليه يهتدي
ماله اليوم عصي؟ ماله
خان ميثاقي وجافى موعدي”
ومنذ أعوام قليلة نشر نفس الديوان بترجمة جديدة قام بها عاطف محمد عبد المجيد، وهو يحتوى على ترجمة لأشعار سلوي حجازي والتي كتبتها باللغة الفرنسية ومنها قصائد “أشواك الوردة” و”الغياب”، و”حلم” و”الأمل” و”المصير”.
وقد كانت الشهيدة سلوى حجازي في ليبيا مع بعثة التليفزيون المصري لتصوير بعض الحلقات هناك، وكانت في طريق العودة إلى القاهرة حينما تم أسقاط الطائرة، وبعد وفاتها منح الرئيس السادات اسم الشهيدة سلوى حجازي وسام العمل من الدرجة الثانية باعتبارها واحدة من شهداء الوطن، كما كتب فيها الشاعر الكبير فؤاد حداد قصيدة رثاء عنوانها “سلوى العزيزة”.
وكانت إسرائيل قد زعمت أن الطائرة الليبية كانت تحمل أجهزة تصوير فوق منطقة عسكرية، وأنهم كانوا قد حذروا قائد الطائرة الذي لم يستجب لهم فأسقطوها، ورغم ثبوت كذب الإسرائيليين بعد ذلك، إلا أن جميع القضايا التي رفعت للمطالبة بالتعويض لأسر ضحايا الطائرة كان مصيرها الرفض التام، والمثير للدهشة أن ابن وزير خارجية ليبيا الذي لقي مصرعه في ذلك الحادث قد قال إن نظام العقيد معمر القذافي قد رفض أن يرفع قضية على دولة إسرائيل، لأن مجرد رفع القضية على إسرائيل يعد اعترافا بوجودها، وهو ما لم يقبل به النظام الليبي في ذلك الوقت.
والجدير بالذكر أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية كانت قد نقلت عن واحد من طياري الطائرات الإسرائيلية التي أسقطت الطائرة المدنية اعترافه بالشعور بالذنب وتأنيب الضمير بسبب المشاركة في ضرب الطائرة الليبية، رغم تأكده وقتها من عدم وجود أية أشياء أو مخاطر تهدد أمن إسرائيل، وذلك حينما رأى بالعين المجردة امتلاء الطائرة بالركاب المدنيين، وقال
الطيار إنه كان حزينا للغاية عندما رأى الأطفال الصغار يحترقون داخل الطائرة.
ومما يذكر أن بعض الصفحات والمواقع قد نشرت أن المذيعة سلوى حجازي كانت عميلة للمخابرات المصرية، وأنها كانت في مهمة إستخباراتية في ليبيا، والحقيقة أنه ما من مصدر موثوق لهذه المعلومات التي يتناقلها الكثيرون.