امتزجت دماء مسلمي مصر ومسيحيها على أرض سيناء، ولم تفرق رمالها بين دماء المسلمين والمسيحيين الذين استشهدوا في سبيل الوطن حيث ارتوت بدمائهم حتى تحررت، وبمناسبة مرور 50 عاما على نصر أكتوبر العظيم نلتقي هنا مع عدد من أبطال مصر العظام اللذين ضحوا بأرواحهم في سبيل مصر وخلدهم التاريخ وخلد بطولاتهم وإن نساهم الكثيرون فلن ننساهم أبدا ولن ننسى ما فعلوه وقدموه حتى تعيش مصر في حرية وعزة وكرامة، واللواء شفيق متري سدراك ابن قرية المطيعة مركز أسيوط رباه أبوه رجل التربية والتعليم وأنشأه على حب مصر وبذل الروح فداء لها يعد واحدا من هؤلاء الأبطال العظماء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل مصر وتحرير أرضها.
وقد التحق بكلية التجارة بجامعة القاهرة واستمر بها سنتين قبل أن يسحب أوراقه ويتقدم بها للكلية الحربية ويتخرج فيها سنة 1948، وحصل على شهادة أركان حرب وهو برتبة رائد واختير للعمل كمدرس لمادة التكتيك بالكلية الحربية ثم أصبح كبيراً للمعلمين بها، وكان من أوائل خريجي أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كما أنه يعتبر واحدا من علماء القوات المسلحة المصرية المشهود لهم في العلوم العسكرية والتكتيك الحربي، وكان من أفضل الذين يجيدون فن القتال بالدبابات، واشترك في حرب بور سعيد سنة 1956 وحرب سنة 1967، وخلال حرب الاستنزاف استطاع العبور مع جنوده عدة مرات إلى سيناء والقيام بتنفيذ عدد من المهمات القتالية بنجاح، وسجل بطولات سجلها التاريخ في بورسعيد والدفرسوار والفردان وجنوب البلاح.
وفى حرب أكتوبر كان اللواء شفيق متري سدراك قائدا لأحد ألوية المشاة الفرقة 16 بالقطاع الأوسط بإحدى فرق الجيش الثاني الميداني الذي كان يقوده اللواء سعد مأمون، ويعتبر هذا أول لواء مُشاه يعبر قناة السويس في حرب أكتوبر 1973 من أفراد الجيش الثاني الميداني، وكان اللواء شفيق يدير المعركة في عملية تحرير النقطة 57 جنوب الطالية حيث كان يتقدم رجاله داخل أرض المعركة في عمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلو مترا داخل أرض سيناء.
وقبل الحرب بساعات معدودة جمع اللواء شفيق متري سدراك جنوده حوله وخطب فيهم وحمسهم ودعاهم للإقبال على القتال وبذل الروح من أجل الوطن وكان مما قاله لهم: “إن أبناء مصر من عهد مينا إلى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باسم، وقد آن الأوان أن ترفرف أعلام مصر على أرض سيناء وأنا أعدكم أن كل علم سوف يرفع فوق أحد مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء سيكون موضع إعزاز وتقدير من أبناء مصر وقادتها ولكل من ساهم في رفع هذه الأعلام”، ولأنه يعلم أن أغلب جنوده من المسلمين فقد قرأ عليهم ثلاث آيات من القرآن الكريم هي: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ. وإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ). الآيات من 171 : 173 من سورة الصافات.
وكعادته دوما كان اللواء شفيق متري سدراك متقدما رجاله في أرض المعركة ضاربا لهم المثل والقدوة، وفي رابع أيام حرب أكتوبر وتحديدا في يوم 9 أكتوبر 1973 تم استهداف سيارته بدانة مدفع إسرائيلي فمات هو ومن معه، فكان من أوائل الضباط المصريين الذين ماتوا في ميدان المعركة في حرب أكتوبر المجيدة، وكان اسمه ضمن أول المكرمين في مجلس الشعب في صباح يوم 19 فبراير سنة 1974، حيث منحه الرئيس السادات وسام نجمة سيناء من الدرجة الأولى كما تم إطلاق اسمه على الدفعة 75 حربية، وهكذا تم تكريم اسم اللواء شفيق متري سدراك شهيد الوطن وما زال الرجل مثالا يضرب للفداء والتضحية وقدوة تحتذى ورمزا من رموز الشجاعة والبسالة وعنوانا للنضال في سبيل التحرير والعزة والكرامة.