إذا كنت تعتقد أن الحب الافلاطوني شائع فأنت واهم! نعم موجود ولكنه نادراً وهو أصلا غير سوي. فنحن كبشر نحب غيرنا لأن احساس الحب يجعلنا نشعر بالدفيء والمشاعر الجياشة تجعلنا نبتسم حينما نتذكر كل ذلك ونحن بمفردنا.
لذا فنظرة فلسفية للحب نحن نحب لحاجتنا لذلك ك الطعام والشراب. ليس فقط لأن شريك حياتنا يستحق ذلك الحب.
لذا فكرة الحب الأبدي أجدها فكرة غير مستساغه لأنه من الطبيعي ألا أحب أي شخص غير سوي مؤذي في تعامله ومشاعره وإهماله
الحب علاقة متبادلة بين طرفين لا طرف يأخذ وطرف يستقبل. طرفين تعني كل طرف يُعطي قدر حاجته لذلك العطاء. يعطي احترام ووقت واهتمام وحب ومشاركة.
رسالة إلى صديق
لذا لم أعد أندهش حينما أري من كانت تُحب شخصا في علاقة غير سوية مؤذية لها على الجانب النفسي والمادي. تركته وبعدها وارتضت أخر في علاقة سوية متبادلة. أظنها عدالة الله أن يُعطينا من يُشبهنا وممكن أن نُخطىء في الاختيار ولكن من الغباء الاستمرار في ذلك الخطأ.
تعلمت من 30 عاما قد عشتهم في هذه الدنيا أن العلاقة بين أي طرفين أيا كان نوع العلاقة لابد أن تقوم على الاحترام والود والتراحم المتبادل بين طرفي العلاقة وعندما يسقط بند من هذه البنود تصبح علاقة غير سوية.
فما بالك بعلاقة الزوج والزوجة وهي أسمي علاقة شرعها الله لحفظ النسل والفرج وكلاً له حقوق وعليه واجبات.
كي تنجح هذه العلاقة وتكون سوية لابد أن تقوم على المشاركة في كل شيء من أمور الحياة اليومية. المشاركة في اهتمام كل طرف باحتياجات الطرف الآخر ومشاعره وأفكاره وتطوير عمله وشخصيته. ولكن تلك المشاركة بدون الانغماس التام في كيان الطرف الآخر لابد أن تكون مستقلا مادياً ونفسياً ولا تجعل لأحد سلطة على سلامك الداخلي فأمانك النفسي مهمتك الأساسية. في حياتك
فليبقى من يبقي وليرحل من يرحل. ولتكن أنت ثابتا كجزع نخلة تمر عليه السنون ولا يتزحزح مثقال ذره بل يتفرع ويمتد تحت الأرض. هكذا أنت يجب أن تكون لنفسك قبل شريك حياتك.
فكما قال الدكتور مصطفي محمود أفضل شيء تفعله للفقير هو ألا تكون مثله فيزداد الفقراء شخصا آخر. قياس على رأي الدكتور مصطفي محمود كذلك في الاتزان النفسي أفضل شيء تفعله لشريك حياتك هو ألا تكون غير متزن نفسياً ومستقل مادياً. نعم سيمر عليك أوقات صعبة تحتاج من يضمك لصدره حينها، ستحتاج من يكن لك الود والمحبة ومن يظهر ذلك في العلن لا أن يكون شعوره الداخلي فقط. كوننا أُناسا محاطين بمن يحبنا يجعلنا نمرر الأوقات الصعبة التي سنمر بها لأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة.
رسالة إلى صديق
حينما قال الله في أصل الزواج (لتسكن إليها) كون الهدف الأساسي هو إيجاد شخص تُكمل معه مسيرتك في الحياة وتكون معه أسرة لتكن امتدادا لكما وتزرعان بها كل القيم التي تستقيم بها أمور الدين والدنيا. فأفضل نموذج لزواج ناجح كان فيه كل شريك ناجح في حياته الخاصة وكل له مشاريعه التي يعمل علي تطويرها هو زواج أفضل البشر سيدنا محمد -صل الله عليه وسلم- من السيدة خديجة. زواج من امراه تكبره ب 15 عاما ولم تكن تلك نقطة خلاف في حياتهم الزوجية وكانت سيدة في قومها وذات مال وتجارة وعمل الرسول محمد -صل الله عليه وسلم- معها علي نجاح عملها.
وذلك لأن المرأة لها ذمة مالية خاصة بها قبل وبعد الزواج وليس لأحد حق أن يُشاركها في أموالها. حتى لو كان زوجها غير مقتدر مادياً مثلها شرعاً يجب عليه الإنفاق على زوجته قدر استطاعته المادية وعدم النظر لما لديها من أموال أو أملاك وكذلك وجب عليه أعطائها مصروفا شخصيا خاصا بها غير المال اللازم لمستلزمات المنزل وهذا حقها الذي كفله لها الشرع والدين الإسلامي.
و دور كل شريك لدعم الآخر كما أمنت السيدة خديجة بزوجها سيدنا محمد -صل الله عليه وسلم- حينما نزلت عليه الرسالة وكان يأخذ مشورتها ورأيها في جُل أمور حياته ورسالته.
لو نظرنا لهذه المواقف الآن في حياة أي زوجين قد تجد التعصب من الرجل لرأيه وعدم أخذ راي زوجته في أمور حياتهم الخاصة أو أي امر يخص عمله. وهذا عدم عمل بسنة الرسول-صل الله عليه وسلم- في معاملة الزوجة .وكذلك المُشاركة في تربية الأبناء وكأن ذلك فقط مسؤولية المرأة !فالطبيعي أن الأطفال مسؤولية مشتركة للزوجين لتنشئتهم أُناسا أسوياء نفسياً واجتماعيا. وأعمال المنزل فكان الرسول-صل الله عليه وسلم- في خدمة أهل بيته .أي لم يكن الأمر قاصراً علي المرأة فقط كما نري معظم رجال اليوم بذلك التعصب.
رسالة إلى صديق
يقول الشيخ شلتوت رحمه الله: “وما الزواج في واقعه إلا ظاهرة من ظواهر التنظيم لفطرة أودعت في الإنسان كما أودعت في غيره من أنواع الحيوان، ولولا الزواج الذي هو تنظيم لتلك الفطرة المشتركة بين الإنسان والحيوان لتساوى الإنسان مع غيره من أنواع الحيوان في سبيل تلبية هذه الفطرة عن طريق الفوضى والشيوع، وعندئذ لا يكون الإنسان ذلك المخلوق الذي سواه الله ونفخ فيه من روحه، ثم منحه العقل والتفكير وفضله على كثير من خلقه، واستخلفه في أرضه، وسخر له عوالم كونه، ثم هيأ له مبادئ الروابط السامية التي يرتفع بها عن حضيض الحيوانية البحتة، وتدعوه إلى التعاون مع بني نوعه في عمارة الكون وتدبير المصالح وتبادل المنافع”.
كانت هذه رسالة أردت أن أهمس بها كي نتدارك الأمر سوياً.