د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
1- مقدمه: تنتشر القوارض في جميع بقاع العالم وبمختلف البيئات اذ تمتاز هذه الحيوانات بسرعة التكيف ومقاومة الظروف القاسية فهي تتواجد في البيئات الصحراوية الجافة وكذلك في الغابات وعلى الاشجار ومنها ما يعيش في انفاق تحت الارض وفي الحقول والمزارع وفي المدن وداخل البنايات .اذ غالبا ما تختار الاماكن القريبة من الغذاء والماء مسببة مشاكل واضراراً صحية واقتصادية كثيرة للبشر .
القوارض من الحيوانات اللبونة وهي من فصيلة الجرذان احدى الرتب الكبيرة التابعة لصنف اللبائن اذ تضم 1760 نوعا مختلفاً وتصنف الى 35 عائلة و355 جنسا و2000 نوع واغلبها صغير الحجم وتتميز بان كل فك من فكيها يمتلك زوجا واحدا من القواطع الحادة في حين انها تخلو من الانياب وتعتمد اغلب القوارض في تغذيتها على النباتات مثل الثمار والاجزاء الغضة الخضراء وقلف الاشجار والاجزاء المتخشبة منها وتتغذى بعض القوارض المفترسة على الحشرات والرخويات اللافقارية وتختلف خصوبة القوارض من صنف لاخر ومن نوع لاخر لكنها تشترك جميعها في خصوبتها العالية وكثرة توالدها فبعض انواعها تلد من (6 – 8) مرات في العام ويبلغ عدد المواليد من (8- 15) في كل مرة وتعيش القوارض على شكل مستعمرات كبيرة وتمتاز بوجود تفاهم فيما بينها .
2- هل للقوارض عادات وطبائع خاصة؟
– تعيش القوارض اجتماعيا على شكل مستعمرات ولكل مستعمرة قائد او رئيس هو اقواها واكثرها دهاء وعادة ما يكون تواجدها قريبا من المواد الغذائية والماء سواء كانت في الجحور او الاعشاش وتختفي اثناء النهار وتخرج في الظلام سواء في الليل او عند الغسق والفجر لغرض التغذية .
وعند وضع طعم سام في بيئة المستعمرة وتراه المجموعة يقوم رئيسها بتحسس الطعام اذ يستعمل شاربه للمسه فهو يشمه ومن ثم يلمسه ويتذوقه وبعدها يأكله وفي الغالب يطلب رئيس المجموعة من احد الجرذان الصغار ان يأكل من الطعام ويبقى الجميع بانتظار النتائج فاذا لم يمت الجرذ الصغير اقبلوا على الطعام واكلوه واذا مات فلا يأكلون منه شيئا بل يتبولون عليه وهذه اشارة للجرذان الاخرى تنذرهم بعدم التقرب منه كما ان افراد المستعمرة تقوم بتبديل محل المستعمرة بناء على عوامل الجوع والعطش والجنس وتتميز القوارض بنضجها الجنسي المبكر الذي يظهر بين الشهرين الثاني والثالث من عمرها وتلد اناث الجرذ النرويجي والجرذ الاسود بعد 22 يوماً من التخصيب بينما مدة فترة الحمل في الفار المنزلي هي 19 يوما وتستطيع اناث الفئران والجرذان التزاوج والحمل مرة اخرى بعد مرور 48 ساعة بعد الولادة وتبلغ الفئران مرحلة النضج الجنسي بعد شهرين من الولادة اما الجرذان فتبلغ جنسيا بعد 2- 3 اشهر وتستطيع بعد ذلك التزاوج وانتاج افراد جديدة .
3- كيف تنقل تلك الحيوانات الامراض للانسان؟
– تقوم الجرذان والفئران بنشر ونقل عدد من الامراض سواء كان ذلك مباشرة كما في تلوث اغذية الانسان ببول وبراز القوارض وغير مباشر عن طريق براغيث القوارض ومن اهم تلك الامراض هي عضة الجرذ اذ ان العامل المسبب لهذه الحمى هو بكتريا مرضية توجد على اسنان ولثة جرذان عديدة وتنتقل الى الانسان بواسطة عضة الجرذ اما مرض وايل فهو حالة مزمنة لاصابة حادة نادرا ما تكون مميتة وعادة ما تكون اصابة الانسان بهذا المرض نتيجة التلوث او الاتصال المباشر او غير المباشر مع بول القارض المصاب بعامل المرض او حيوانات معينة وقد وجد ان الجرذان النرويجية والفئران المنزلية هي حاملة لمعدلات عالية من هذا المرض في حين ان مرض السالمونيلا يعتبر كتسمم غذائي وهو منتشر انتشارا عالميا ومعديا اذ ينتشر عن طريق التلوث الغذائي بواسطة براز الجرذ او الفار المحتوي على عامل هذا المرض ومن الامراض الاخرى هي مرض التايفوس اذ تشكل الجرذان حيوانات حاملة لعامل المرض ومنها ينتقل ويصل الى جسم الانسان عن طريق عضة براغيث الجرذان اما مرض الطاعون فهو الموت الاسود الذي قتل الملايين من الناس في اوروبا وآسيا وافريقيا ولقد توقفت حالات الوباء في المدن بصورة رئيسية لمرض الطاعون وتعتبر القوارض البرية حاملة لعامل المرض وتنتقل بكتريا المرض من احد القوارض الى قارض اخر وفي بعض الاحيان الى الانسان بواسطة عضة براغيث القوارض واخيرا التهاب السحايا والمشيمة الخلوي اللمفي وهو مرض حموي يصيب الفقاريات وخاصة الفئران المنزلية وقد يصيب الانسان عن طريق لعاب افرازات الانف والبول لدى الفئران المصابة .
4- اين تكمن العوامل التي تساعد في تكاثر وانتشار القوارض؟
العوامل التي تساعد على انتشار القوارض المطاطية البيئية العالية لهذه الحيوانات وسرعة تكيفها ضمن وسط التواجد والتحورات الخارجية والداخلية للقوارض ومقدرة الحيوان الفائقة على السباحة والغوص والتسلق والتشبث والذكاء المفرط لهذه الحيوانات في التعرف على الجديد في الموقع والتوجس منه والذي يدخل ضمن هذه المصائد والطعوم ومعدات المكافحة والتكاثر النشط ودرجة الخصوبة العالية بالاضافة الى دور الانسان في توفير الطعام والمأوى للقوارض الى جانب تأثير عوامل البيئة على تكاثر القوارض اذ ان لفحص درجة تغير حجم جمهور القوارض يجب النظر الى عدة عوامل متغيرة منها التكاثر ونسبة الموت والحركة الانتقالية لها والتغيرات الموسمية اي كل ما يتعلق بالطقس والمناخ والافتراس والتطفل فهناك عدة حيوانات تفترس وتعيش على الجرذان والفئران ومن تلك الحيوانات المفترسة للقوارض القطط والكلاب والثعالب وابن عرس ومن العوامل الاخرى التي تلعب دورا في تكاثر القوارض التنازع على البقاء اذ يحصل التنازع ما بين نوعين او اكثر وقد يكون ما بين افراد النوع الواحد ويعد التنازع من اهم العوامل المتميزة للحد من عدد القوارض وعادة ما يحصل لاجل الغذاء والماء ومكان الاعشاش والمأوى .
5- ما الفعاليات العامة للقوارض بكل انواعها؟
ـ الفعاليات العامة للقوارض التعرف على المحيط والتسلق والقفز والسباحة وبناء الاعشاش والمأوى وتعاملها مع الاجسام الغريبة وحفر الانفاق اذ تتكيف الجرذان الى حياة الجحور ويندر ان تكون شبكة جحوره واسعة في حالة عدم توفر مآوى اخر في المنطقة المحيطة ولقد وجد احد الخبراء بعد دراسة موسعة ان اطول عمق في التربة يتمكن ان يحفره الجرذ النرويجي لعمل جحر كان حوالي 15 انجا وتستعمل فتحات الخروج كمنافذ للهروب في اوقات الانزعاج وقد تتركها مفتوحة ويكيف الجرذ النرويجي جسمه لحفر الانفاق من خلال اذانه القصيرة المكسوة بطبقة شعر تمنع دخول الاتربة الى داخل الاذن ويقوم بحفر الانفاق داخل التربة وتكون على شكل شبكة ممرات وبطول 2-4 اقدام وغالبا ما يغطي فتحة النفق ببعض الاجزاء النباتية او التربة اما الجرذ الاسود فمتكيف لتسلق وبناء الاعشاش على الاشجار وكذلك لحجز الانفاق اما الفأر المنزلي فانه لا يحفر الانفاق الا عندما لا تتوفر اماكن للتعشيش وخاصة في الحقول والمزارع .
6- ظاهرة القرض
من الفعاليات المهمة الاخرى التي تؤديها القوارض هي ظاهرة القرض فمن النادر ان تزود الطبيعة حيواناً ما بالة قاطعة اكثر فعالية من الاسنان الامامية او قواطع القوارض حيث تبدأ صغارها بالقرض بصورة مبكرة من الاسبوع الثاني لحياتها وتحتفظ اسنانها بامكانية نموها السريع طيلة مدة حياتها ويكون معدل نمو القواطع العليا بحدود 4.5 انج في السنة الواحدة وذلك في الجرذان المختبرية البالغة بينما تنمو القواطع السفلية بمعدل 5 وثلاثة ارباع الانج ويسمح هذا النمو السريع بقرض مستمر دون ضعف حافة القطع لاسنان القارض وتقرض الجرذان والفئران في الغالب اي شيء تصادفه او اية مادة قابلة للقرض شرط ان تكون المادة المقروضة انعم من مادة مينا سن القارض مثل الخشب والمواد الورقية والكارتونية واكياس القماش والانابيب الرصاصية والبلوكات البنائية والالمنيوم وبامكان القوارض قرض الكونكريت غير المتصلب والمستعمل لتحصين الاماكن ضد القوارض بسبب عدم اخذه الوقت اللازم للتصلب وان جرذ السقوف اكثر مهارة من الجرذي النرويجي في القرض .
7- ما الحواس القوية التي تمتاز بها القوارض؟
– حاسة اللمس وهي من الحواس القوية في الفئران والجرذان وهي ذات فائدة كبيرة للقارض وعادة ما تظهر لديه منذ الولادة المبكرة اذ تساعده في العيش بالاماكن المظلمة ولذلك غالبا ما نراها تفضل السير بمحاذاة الجدران والاجسام الكبيرة الاخرى بحيث تلمسها بواسطة شعيران الانف او الجسم اما حاسة البصر فهي ضعيفة عندها اذ ان عيون الفئران متخصصة للرؤية الليلية وهي حساسة جدا للضوء ولكنها ضعيفة الرؤية وكلا الجرذان والفئران مصابة بعمى الالوان ولا تستطيع التمييز بين الالوان المختلفة ولكنها تميز الضوء والظلام وكذلك الاصوات اذ بامكانها تعيين مواضعها بحدود نصف قدم ومادامت القوارض فعالة في الظلام فان حاسة السمع لديها حادة وذات اهمية كما ان الاصوات المرتفعة تسبب لها الاختفاء السريع كما ان لها حاسة شم حادة ومن الطبيعي ان كل الجرذان والفئران تتبع بسرعة رائحة جسم القوارض وبالاخص رائحة الجنس المعاكس اما رائحة جسم الانسان على المصائد والطعام تكون منفرة للقارض اذ ان كلاً من الجرذان والفئران تعيش متاخمة للانسان فتصبح بذلك وبصورة يومية معتادة على رائحته في حين ان حاسة الذوق لديها متطورة بشكل جيد كما انها تمتلك حاسة توازن ممتازة وممكن التأكد من ذلك بواسطة قذف احد الجرذان في الهواء حيث نلاحظ دائما انه يسقط على اقدامه .
8- بماذا تختلف العادات الغذائية لدى تلك الحيوانات وهل يشكل ذلك سببا في اختلاف حجمها؟
– ان الاختلاف في نوعية الغذاء يؤدي الى اختلاف حجم القوارض وبصورة عامة فان القوارض التي تعيش في المدن تكون اكبر حجما من تلك التي تعيش في المزارع والحقول لان الاخيرة تأكل الحبوب والمواد النباتية بينما جرذان المدن تتغذى على اللحوم والاسماك والمنتجات الحيوانية الاخرى وتختلف عادات التغذية في القوارض حسب الاجناس وحسب نوع الغذاء المتوفر والظروف البيئية ولكن عادة ما تبدأ في البحث عن الغذاء يوميا بعد غروب الشمس بقليل وتستمر حتى منتصف الليل واحيانا الفئران بسبب صغر حجمها وقوة بصرها اكبر مما هو عليه الحال في الجرذان فانها قد تظهر في اثناء النهار للبحث عن غذائها وكذلك الجرذان في حالة تواجدها بكثافة عالية او شعورها بالجوع فانها تظهر نهارا ايضا .
9- ما الاساليب الوقائية لمنع انتشار القوارض وتجنب خطورتها؟
ـ اتباع العديد من الاجراءات كتصحيح البيئة للحد من توفر الغذاء والمأوى وكذلك تصريف النفايات والازبال تصريفاً صحيحاً وبانتظام تام ودقيق والقيام باجراءات هندسية وذلك من خلال تحصين انواع البنايات كبيرة وصغيرة ضد دخول القوارض من الخارج الى الداخل بصورة فعالة ودقيقة واجراءات بايولوجية باستعمال الاعداء الطبيعية للقوارض كالكلاب والقطط وغيرها واجراءات ميكانيكية كالمصائد بانواعها واخرى تشريعية واجراءات تربوية كالحجر الصحي وبرنامج الثقافة الصحية والتثقيف الصحي الجاد للمواطنين وتوعيتهم صحياً وبيئياً بالاضرار التي تنجم عنها التعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الصحة والبيئة والزراعة والتجارة والعمل على التعاون بينها من اجل مكافحة القوارض واستعمال اساليب المكافحة الصحيحة لها وغيرها من الاساليب والطـرق التي تقينـا ضرر تلك الحيوانات .
جمع واعداد
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
استاذ علم الحيوان الزراعي المساعد
قسم وقاية النبات
كلية الزراعة – جامعة سوهاج- مصر
abdelalem2011@yahoo.com