بقلم
المؤلف و المخرج
فارس البحيري
……………………………….
ترقب.. مفاجأات متلاحقة.. لهاث.. وحالة تأهب للحدث القادم، هذا هو حالك وأنت تشاهد فيلما من أعمال المخرج البريطاني العبقري «ألفريد هيتشكوك» أحد عباقرة شهر أغسطس.
وإعلم أنك لن تسترد أنفاسك إلا بعد ظهور كلمة النهاية على الشاشة . . أليس هو صاحب العبارة الشهيرة “حاول دائما جعل المشاهدين يعانون قدر ما تستطيع ” .
هيتشكوك عمل أكثر من أي مخرج على نقل السينما إلى عصر أخر، والتي كانت ستكون مختلفة تماما بدونه, وكان بأسلوبه السردي في أعماله السينمائية يثير مشاعر الجمهور كما لم يثيرها شخص من قبل.
استطاع «هيتشكوك» بإبداع فريد من نوعه تدشين عصر سينمائي جديد يعتمد على الإثارة والتشويق والاهتمام بالجانب النفسي للشخصيات، بل إنه قدم مضمونا جديدا للرعب بعيد عن القوالب المعروفة التي تعتمد على البشاعة والتخويف والماكياج الصارخ ، وقدم أعمالاً متكاملة تعتمد على كافة عناصر العمل السينمائي من سيناريو و ديكور وتصوير، ومونتاج وموسيقى متوجسة، حتى حركة الكاميرا المهزوزة المتوترة التي تنقل الى المشاهد شعورا فوريا بالتوتر ، وكان يهتم بتصاعد الأحداث على طريقة الكريشندو حتى تصل إلى ذروتها ، ليصبح تكنيكه في الإخراج علامة مميزة وحالة فنية شديدة الخصوصية.
هيتشكوك المولود في 13 أغسطس عام 1899 ، بدأ عمله في مجال السينما كمصمم للوحات الحوار التي تعرض على الشاشات الجانبية لتخفيف حدة الصمت في عصر السينما الصامتة في العشرينات ، ثم أخذ يتنقل بين الاستوديوهات المختلفة محاولاً اكتساب العديد من الخبرات وهذا ما حدث بالفعل، فعمل في تصميم الدعاية والديكورات، ثم كمساعد في كل من كتابة السيناريو والإخراج.
هيتشكوك بدأت شهرته كمخرج سينمائي له بصمته الخاصة في بداية الثلاثينات، حيث قدم للسينما العديد من الأفلام القوية في هذه الفترة نذكر منها «الرجل الذي عرف أكثر من اللازم» ، «الدرجات التسع والثلاثين»، «العميل السري»، «اختفاء سيدة » وغيرها.
هيتشكوك شعر أن بإمكانه جذب الجمهور ومداعبة شباك التذاكر، قرر الانتقال إلى عاصمة السينما العالمية هوليود العالمية عام 1940م، و افتتح عمله هنالك بفيلم «ربيكا» ومثلت هذه المرحلة بداية جديدة بالنسبة له ، و كان يأخذنا في أفلامه في العديد من التحولات المفاجئة للشخصيات مستخدما عامل الإبهار والمفاجأة وعدم التوقع ليجعل المشاهد في حالة مستمرة من الترقب والإثارة حيث نجد أن المجرم يظهر في نهاية الفيلم كأبعد شخص ممكن أن يرتكب الجريمة فيتحول الفتى الطيب إلى قاتل يقتل ضحيته بمنتهى الشراسة، وغيرها من المفاجآت التي كان يعدها هيتشكوك للمشاهد .
هيتشكوك عمل على التركيز على النواحي النفسية والمشاعر المختلفة لدى أبطال العمل الفني، والدوافع التي تدفعهم لارتكاب جريمة معينة، فيصدم المشاهد عندما يرى شخصية هادئة وسوية هي التي كانت وراء الجريمة ونكتشف في نهاية الفيلم أن هذه الشخصية مضطربة نفسياً وهذا ما دفعها لارتكاب الجريمة، مثلما حدث في فيلم سايكو – الذي وصل فيه هيتشكوك إلى قمة إبداعه الفني ليتحول الفيلم الى ايقون خالدة – حيث اتضح في نهاية الفيلم إن الشاب الهادئ الوديع هو القاتل ، كما قدم في فيلم الطيور عام 1960 نموذجا مغايرا للطيور المعروفة بالوداعة ليأتي لنا بها في سياق كابوسي مرعب كطيور قاتلة .
هيتشكوك أصبح معروفا بملاحظته الشهيرة “الممثلون هم الماشية “. وقد قال ذات مرة انه صرح بذلك في وقت مبكر أواخر عام 1920 ، ومع ذلك قال مايكل ريدجريف إن هيتشكوك قد أدلى بهذا التصريح خلال تصويره لفيلم اختفاء السيدة، لتظل هذه العبارة تطارد هيتشكوك لسنوات . أسفرت هذه العبارة عن حدوث واقعة أثناء تصوير فيلم من إنتاج عام 1941 تحت اسم السيد والسيدة سميث عندما أحضرت كارول لومبارد بعض البقر إلى مكان التصوير وعليهم علامات تحمل اسم لومبارد، روبرت مونتغمري، وريمون جين، أسماء نجوم الفيلم, لمفاجأة المخرج. فقام هيتشكوك بنقلها بشكل دقيق فقال : “لقد قلت : يجب أن يعامل الممثلون مثل الماشية .
هيتشكوك أخرج أكثر من خمسين فيلما روائيا على مدى حياته المهنية التي امتدت لستة عقود ولا يزال إلى الآن واحدا من أكثر المخرجين شعبية, وغالبا ما يعتبر أعظم مخرج بريطاني على مر العصور منها : “ظل الشك” ، ” المأخوذ”، ” المقيدون”، ” تحت مدار الجدي”، ” مجهول قطار الشمال” ، ” النافذة الخلفية” ، ” من قتل هاري”، “عرق بارد”، ” الشمال الغربي”، ” نفوس معقدة”، ” الرغبة القاتلة”، ” سايكو ” ثم فيلم ” مؤامرة عائلية ” ، وغيرها العديد من الأفلام المتميزة .
هيتشكوك في عام 2007 حصل على المرتبة الأولى من قبل النقاد في قائمة ‘تليجراف’ والتي تضم 21 مخرجا من أعظم المخرجين البريطانيين، وقد قيل عنه: “مما لا شك فيه أن هيتشكوك يعد أعظم مخرجا نشأ في هذه الجزر، وقد عمل هيتشكوك أكثر من أي مخرج لتقديم السينما الحديثة، والتي كانت ستكون مختلفة تماما بدونه, وكان أسلوبه السرد وكان يثير مشاعر الجمهور ليس كمثل أي شخص آخر.
هيتشكوك حصد عدد كبير من الجوائز ولكن لم ينل أي جائزة أوسكار حيث رشح فقط لست جوائز ” أوسكار ” كأفضل مخرج، ورشح أيضاً لعدد من جوائز مهرجان ” كان ” السينمائي، ورشح لعدد من جوائز إيمي، وفاز هيتشكوك بعدد كبير من الجوائز مثل الكرة الذهبية من الولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة الإكليل الذهبي كأفضل مخرج ومنتج، والأسد الذهبي وغيرها من الجوائز والتكريمات. قام السينمائي الفرنسي المشهور فرانسوا تروفو بوصفه كواحد من أهم الكتاب العالميين وذلك على الرغم من أن هيتشكوك لم يكتب سيناريو أو رواية كاملة
بمفرده.
هيتشكوك توفي في 20 إبريل 1980م في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عن عمر يناهز الواحد والثمانين عام.
?
شركة تنظيف منازل بالخبر
شركة تنظيف مسابح بالخبر
شركة تنظيف مكيفات بالخبر