حلم الممنوع
ها هي كعادتها في ذلك الوقت يومياً تطل بوجهها البرئ من شباك غرفتها شديدة التواضع ترى أطفال في مثل سنها و من هم اكبر قليلاً بذلك الزي الموحد ، و تلك الحقيبة المعلقة فوق اظهرهم ، تلك التي تبحث فيها عن حلمها حتى تجده ……..
ترى نفسها في يوم ما ترتدي هذا الزي و ، تعلق تلك الحقيبة ، و ترى شعرها مهندم و منظم في جديلة جميلة ، و تسير معهم في ذلك الطريق الذي يؤدي الى هذا المبني العملاق الذي تمر بجانبه يومياً ، فتدخل هذا المبني مع فتاة في مثل عمرها متشابكتان الأيادي ، و تقف مع الأطفال في صف متوازي ، ثم تدخل الي الفصل و تجلس في اول مقعد و تضع امامها كتاب و كراسة ، بعد ذلك تدخل المعلمة ببسمتها المشرقة لتحييهم ، فتكتُب عنوان الدرس ثم تبدأ بالشرح ، و تسألها فتُجيب و يصفق لها كل من بالفصل و تقبلها المعلمة من جبينها بطريقة حانية و تعطيها بعض الحلوى ، تطلب منهم ان يبدأوا بالرسم ؛ فتقوم برسم فتاة تجلس على مكتب و بيدها كتاب و قلم و تكتب تحت رسمتها (هذا الحلم مُنع على امثالي ) ، و تعود لمنزلها فترى امها تهرول اليها و تأخذها بين احضانها و تغمرها بحنانها و تسألها عن تفاصيل يومها…………….
تفوق من حلمها على احساس الماء على يديها الذي نزل من عيونها البريئة ، و على صوت امها الذي يدعوها للخروج ، تمسح دموعها و تنحني على ارض غرفتها الشديدة التواضع لتأخذ اعقاد الفل و تخرج من غرفتها لتودع امها القعيدة …..
فتمطرها الأم بوابل من دعواتها التي تبعد عنها السوء ……….
فتخرج لكن ليس لتحقيق حلمها ؛ انما لتأتي بقوت يومها ، فتجوب في الشوارع تبيع للناس فهذا يهينها ، و هذه تعطف عليها ، و تلك تعطيها قليل من المال لتتخلص من الحاحها ، و ذلك يبعدها عن سيارته الحديثة خوفاً من اتساخها ….
و في منتصف اليوم ترى الأطفال يخرجون من مدرستهم و الانهاك ظاهر على وجوههم فتقف و تكاد ان تشرد ثانية لكنها تفوق على صوت السيارة التي كادت ان تدهسها فتبتعد و تكمل مشقة يومها فيبدو ان الحلم حتى ممنوع عليها .
بقلم
جهاد مجدي
بقلم
جهاد مجدي