بقلم: جهاد مجدي
ينظر حسام الي الشاشة بخوف ان تكون هي المتصلة و بالفعل وجد حسام الهاتف يضئ باسم فريدة ……. نادى حسام على كريمة ( الدادة الخاصة بيه )
حسام ” دادة كريمة …..دادة كريمة “
كريمة بدموع ” ايوة يا حسام يا ابني “
حسام ” ردي على البنت اللي بتتصل و قولي لها ان بابا اتوفى بس براحة “
كريمة ” هي مين دي يا حسام ؟”
حسام باسى ” بنته هفهمك بعدين يا دادة بس ردي الاول “
ردت كريمة على الهاتف ……..
كريمة ” الو …. وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته “
“…………………..”
كريمة بحزن ” لا الباشمهندس اسماعيل تعيشي انتي “
“……………………..”
كريمة ” الو ….الو “
حسام ” ايه يا دادة اللي حصل ؟”
كريمة ” والله يا بني ما اعرف هي فجاة صرخت و الصوت اتقطع بس سمعت صوت واحدة تقريبا معاها في الشقة احكيلي بقى يا ابني ايه الحكاية “
و حكى حسام لكريمة كل شيئ و اثناء كلامه معها وجد هاتفه يرن باسم عمرو ( اعز اصدقائه )……
حسام ” ايوة يا عمرو “
عمرو ” ………………….”
حسام ” معلش يا عمرو بابا اتوفى من شوية “
عمرو ” …………………….”
حسام ” اوكى هستناك في الشارع هنروح سوا مشوار كدة “
عمرو ” ………………”
حسام ” لما تيجي هحكيلك “
—————————————-
على الجانب الاخر في منطقة راقية من مناطق جاردن سيتي تجلس فريدة على السرير في غرفة جارتها نائمة مثل الملائكة تنزل من عينيها الدموع بدون ارادتها ……..
———————————————–
يدخل حسام بسيارته في شارع من شوارع جاردن سيتي على حسب العنوان الذي اعطاه له والده و كان معه عمرو ببذلته الميري ……..
يدخل حسام مدخل عمارة انيقة و يصعد بالمصعد الى الدور الخامس عشر و يقف امام الشقة مكتوب علي بابها باللون الفضي ( مهندس اسماعيل عبدالعزيز البحيري) لا يعرف هل يرن الجرس ام لا تزيد ضربات قلبه كلما اقتربت يده من الباب موقف لم يتخيل ان يوضع فيه طوال حياته …..
قطع عمرو افكاره و قام هو بطرق الباب عدة طرقات و لم يفتح احد و لكن في الشقة المقابلة لشقة والده قامت سيدة في اول الخمسينيات على قدر من الجمال و الشياكة بقتح باب شقتها قائلة ……
” الانسة فريدة مش هنا انتوا مين “
كان يبدو على السيدة القلق و هي تنظر الى بدلة عمرو الميري فهم حسام هذه النظرة و بدا قائلا …..
حسام ” فين الانسة فريدة البحيري ؟”
السيدة ” الانسة فريدة والدها توفى النهاردة و هي سمعت الخبر و هي عندي في الشقة فتعبت و هي دلوقتي بترتاح عندي شوية “
حسام ” انا جاي من طرف والدها “
السيدة ” اهلا و سهلا يا استاذ اتفضلوا عندي و انا هديها خبر “
دخل حسام و عمرو الشقة و بمجرد ان دخلا احسا انهم في قصر كل شيئ ذو قيمة عالية يدل على ذوق مالكة الشقة الرفيع بداية من اثاث المنزل و التحف و اللوحات الاصلية و حتى ابسط الرفائع ……. جلس حسام و عمرو في غرفة الاستقبال و قدمت لهم السيدة القهوة ……
السيدة ” ثانية واحدة هصحي فريدة و اجيلكم …. بس اقول لها مين ؟ “
حسام ” قولي لها الضابط حسام من طرف والدها “
دخلت السيدة الغرفة بعد ان احضرت من شقة فريدة عندما اعطتها المفتاح ملابس ملائمة للظرف الذي تمر به بدلت فريدة ملابسها و خرجت من الغرفة ……..
يا الله ما كل هذا القدر من الجمال رغم الملابس السوداء التي ترتديها و عينها المملؤة بالحزن الا ان كل هذا لم يقلل من جمالها حتى حجابها لم يزيدها الا رقة و جمال فقد كانت ذات ثمانية عشر عاما عينها واسعة زرقاء مثل زرقة السماء … شديدة البياض و كان واضح من لون حواجبها و رموشها ان شعرها شديد السواد بها شبه بسيط من حسام ووالدهما … لكن من الواضح انها ورثت اكثر الشبه من والدتها… دخلت فريدة الى الغرفة و جلست ………
فريدة بنبرة حزن ” خير مدام ثريا قالت لي ان حضرتكم من طرف بابا “
عمرو ” مدام ثريا ممكن حضرتك توريني المنظر من البلكونة “
فريدة بقلق ” لا مينفعش انا و الاستاذ ( قصدها حسام ) نقعد لوحدنا “
حسام بنبرة جادة ” متقلقيش يا انسة فريدة عشر دقائق بالضبط و هتفهمي كل حاجة “
رضخت فريدة للامر الواقع بدا حسام الكلام ………….
حسام ” البقاء لله يا انسة فريدة “
فريدة بدموع ” و نعم بالله ممكن اعرف مين حضرتك ؟ “
حسام ” انا حسام اسماعيل البحيري
صدمت فريدة عندما سمعت اسمه نعم هي كانت تعلم ان لها اخ و كانت تتخيل مقابلتها له و لكنها كانت لا تعلم ان الحقيقة و الواقع اصعب كثير من الخيال ……..
فريدة بتلعثم ” اهلا و سهلا …. انا مش عارفة ….بس …”
قاطعها حسام ” انا عارف انه موقف صعب عليكي بس على الاقل مش زي انتي كنتي عارفة بوجودي لكن انا معرفش بوجودك غير من ساعات “
احرجت فريدة جدا من اسلوب حسام الحاد معها ……….
اكمل حسام ” على العموم مش هنتكلم دلوقتي يا ريت تحضري شنطتك عشان تيجي معايا لان وصية بابا الله يرحمه انك تبقي معايا في الفيلا هناك …….. “
فريدة ” طيب ممكن اسالك هو انتم دفنتم بابا و لا لسه ؟ “
حسام ” لسه هندفنه بكرة بعد صلاة الظهر “
فريدة ” طيب ممكن تديني ربع ساعة اجهز شوية حاجات مهمة هاحتاجها اليومين اللي جايين و مش مهم اجيب كل حاجة دلوقتي “
حسام ” اتفضلي “
———————————————-
في نفس ذلك الوقت في فيلا في مدينة المعادي تجلس فتاة في منتصف العشرينات و يبدو عليها الغضب الشديد و في يدها هاتفها المحمول ……. و تدخل عليها فتاة اخرى في اول العشرينات …………….
شروق ” ايه يا بنتي بس مالك متعصبة كدة ليه ؟ “
بيري ” الزفت اللي اسمه حسام من الصبح كل ما اكلمه الاقي موبايله مقفول “
شروق ” يا بنتي فكك منه بقى انا نفسي اعرف ليه رابطة نفسك بيه و انتي اصلا قولتي لي قبل كدة انك مش بتحبيه”
بيري ” انا صحيح مبحبش حسام بس هو الشخص المناسب ليا تخيلي معايا كدة لما تبقي من عيلة كبيرة زي عيلة البحيري و متجوزة اجمل شاب فيها و كل البنات بتحسدك عليه و مركزة في الشرطة اللي هيكبر و …….”
قاطعتها شروق ” بس بس بس … فوقي شوية من احلامك دي و انزلي على ارض الواقع ….. عارفة يا بيري مش انا اختك اهو بس احيانا بخاف منك اوي “
بيري ” على فكرة مسيرك تشوفي ان الاحلام دي هحققها عشان انا لما بحط حاجة في دماغي لازم احققها “
و قاطع حديثهم دخول امهم شاهي …..
شاهي ” حبايب مامي يلا بقى عشان نتغدى “
بيري ” اوك يا مامي بس انا هنزل بعد الغدا و احتمال اتاخر و عاوزة فلوس “
شاهي ” اوكى يا حبي الخزنة عندك ابقى خدي منها كل اللي انتي عاوزاه “
بيري ” ميرسي يا مامي”
ذهبت فريدة الى شقتها لتجمع اهم اشيائها ثم ذهبت الى غرفتها و اخذت من خزانتها بعض الملابس التي سوف تحتاجها ثم اخذت اخر صورة جمعتها مع والدها و اخذت مفكرتها الوردي التي تكون دائما في حقيبتها ولا تتركها و دائما معها في اي مكان تذهب اليه و ذهب الى اخيها و صديقه …………..
فريدة ” انا جاهزة “
حسام ” ماشي يلا يا عمرو “
ودعت فريدة ثريا و القت نظرة اخيرة على باب شقتها ثم جرت و تحسست بدموع اسم والدها و نزل ثلاثتهم الى سيارة حسام و طلب حسام من عمرو ان يتولى مهمة القيادة لانه مُتعب و جلس حسام بجانب عمرو و جلست فريدة بالمقعد الخلفي و اسندت راسها الى شباك السيارة و ظلت تنظر الى كل شيئ تعودت عليه في شارعها مرت امام عينها كل لحظة فرح عاشتها و كل لحظة حزن و الم و ودعت كل شيئ تحبه لتذهب الى بيت لا تعرفه و ناس لم تالفهم ظلت دموعها تنزل في صمت و لكنها لا تعرف هل تبكي حزنا على والدها ؟ ام على حالها …..؟