مهازل الشعب الكوري الجنوبي !!
بقلم الكاتب محمد فخري جلبي
قطار الثورة العالمي يقف في محطة كوريا الجنوبية بعد مغادرته البلاد العربية ، وعلى وقع وصول قطار الثورة المطرود من محطات الدول العربية طالب المتظاهرون الكوريين الجنوبيون بتغيير رأس الهرم المتمثل بشخص الرئيسة بارك كون هيه على خلفية تورط صديقتها شوي سون في “الأحتيال وأستغلال السلطة” !!!
تلك التداعيات قاومتها الشرطة من خلال منع التظاهر معللة ذلك بأسباب أمنية مما دفع منظمي الحدث للتوجه إلى المحكمة لأستصدار قرار بالسماح بالمظاهرات وتم الأمر !!
مايدفعنا للتأمل والأستغراب من تفاصيل الثورة الكورية هو جمود مجلس الأمن بالأضافة إلى عدم تحرك الأساطيل البحرية والجوية الروسية والأمريكية لمؤازرة الرئيسة أو المتظاهرين ، بل على العكس تجتاح حالة من الصمت العام عواصم القرار في العالم حول الأحداث الكورية الجنوبية !! ولكن أن قمنا بالمقارنة بين هفوة الرئيسة الكورية وهفوات الزعماء العرب لتوجب علينا منحها وسام الشرف فهي لاتملك زنازين أكثر من عدد الحدائق ولم تمنح الأجهزة الأمنية السلطة لقنص المتظاهرين كما هو الحال في الوطن العربي ولم تقوم بسرقة مقدرات الدولة لتدخل في نصاب ملياديرات العالم . كما سنلامس أيضا النقطة الجوهرية والأختلاف الصارخ بين الحدث العربي والكوري ، ففي كوريا الجنوبية لم تتوجه الرئيسة إلى حلفائها من أجل غزو البلاد لأخماد صوت الشعب وأحداث أستدارة بالموقف بمايصب في مصلحتها كما لم يسارع قيادي الثورة لطلب الدعم من الدول الكبرى للأطاحة برأس الدولة مهما كلف الأمر من خسائر بشرية ، وبقيت الثورة هناك ترتدي اللباس الكوري الوطني كما ولم تسافر الثورة إلى واشنطن أو موسكو ولم تحجز لنفسها جناح فاخر بأحد الفنادق المقابل لقاعة الأجتماعات في جنيف حيث هناك يتم تقرير مصير الدول .
ويجدر التنويه هنا بأن الرئيسة الكورية الجنوبية لم تلقب المتظاهرين بالحثالة والجراثيم وتتوعدهم بالموت بل قامت بالأعتذار عدة مرات للشعب ولكن تلك الحملات الديمقراطية والتي تدل على الشعور العالي بالمسؤولية والندم على ماجرى من قبلها لم يضعف الثورة الشعبية المطالبة بتغيير النظام . الغائب عن المشهد بشكل كلي هو أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة فهو لم يشعر بالقلق أزاء الأحداث الكورية كما لم يتهيأ لتشكيل لجنة مساعدات عاجلة لحل الأزمة يترأسها مبعوث أممي على غرار دي ميستورا ليقوم الأخير بتأجيج الصراع بعد عدة جولات لولبية بين جميع الأطراف المتناحرة من خلال منح الأعداء الأشقاء شعور بالطمأنينة بأن النصر سيكون حليفهم ليستمروا بالقمع والأستبداد على كلا الجانبين .
عزيزي المواطن العربي الآية لم تقلب بل على العكس مايجري الأن في كوريا الجنوبية هو الصحيح فلابد عند تشكل أي شرخ بين الدولة وفئات الشعب بضرورة توجه العقلاء والنخب الأكاديمية للتشاور والحوار الداخلي الداخلي دون فتح أبواب المدينة للصوص والمرتزقة وأبقاء الفضيحة ضمن حدود الدولة لكي لاتتأزم الأوضاع وتشنق مطالب الشعوب على أخشاب الأطماع الدولية .
الأن في سوريا على سبيل المثال أن طرح موضوع التصالح العام بين جميع الأطراف المتناحرة أو أن حاول أحد (الكتاب ) بلورة رؤية تؤدي إلى خروج الأزمة من نفق اللانهاية أتهم بالعمالة وبالتعالي فوق أوجاع الجماهير !!
فأن مقتل مئات الألألف وتهجير الملايين من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى يطفي جو عام لدى المستفيدين من تلك الثورة ومن لاذ بهم بأستحالة الرجوع خطوة إلى الوراء بعد أن تم الوصول إلى تلك المرحلة وعلى مبدأ (لايضير الشاة سلخها بعد موتها ) ..
وفق الله الشعب الكوري لما فيه مصلحة دولتهم ويجب أن يشكروا قادة منصاتهم الأعلامية الشرفاء لعدم محاولتهم تعميم التجربة العربية على الثورة الكورية .
فعندما نبتعد عن الشتائم وألقاء التهم جزافا بين بعضنا البعض ، ونلقي اللوم على المعسكر الأخر بصفته السبب المباشر بتدخل الغرباء بتفاصيل مشاكلنا يجب أن نستذكر ماهي ردة فعلنا حين قام هو بذاك العمل . وأن أتفقنا فيما بيننا جدلا بأن الحدث (الثورة) أستراتيجي ومخطط له مسبقا من قبل الدول العظمى لجني ثمار ذاك الحراك بما يخدم مصالحهم فالسؤال !! من قام بمساعدتهم بتحقيق غاياتهم الخبيثة ؟؟