كتب .عمر الرزاز
تقودني أقدامي لأدور حول مسرح سيد درويش المعروف حاليا بإسم دار أوبرا الإسكندرية و الموجود في شارع فؤاد ، شارع ضيق يوصلني إلى خلف المسرح أمام مدخل شارع شرم الشيخ (شارع لبسيوس سابقا)،
بضع خطوات في الشارع الصغير لأجد نفسي أمام مدخل بيت عتيق عليه لافتة تشير إلى أن في هذا المنزل عاش شاعر الإسكندرية الراحل الشهير قسطنطين كفافيس آخر 25 عام من حياته ، و أن شقته و التي ساهمت بعض المؤسسات الثقافية اليونانية و المصرية في تحويلها إلى متحف تقع في الدور الثاني ، لا أحد يجلس أمام باب المنزل و لكن أجد شحاذ عجوز يجلس على الرصيف المقابل يتطوع ليقول لي و هو يشير بيده (ادخل) ، أدخل عبر الباب لأجد السلم القديم ، ارتقي درجاته و انا أتخيل أن كفافيس الذي توفي عام 1933 م
كان و لخمسة و عشرين عاما يرتقي نفس هذه الدرجات صعودا و نزولا ، أصل إلى الشقة في الدور الثاني و للأسف أجدها مغلقة بالأقفال ، خسارة ، أعود أدراجي و يغمرني ضوء الشمس بمجرد عبوري باب البيت القديم ، و بعد خطوات أجد نفسي في شارع اسطنبول بينما يفكر عقلي في كفافيس ، ذلك الشاعر ذي الأصول اليونانية و الذي ولد في الإسكندرية عام 1863 م ،
و كتب فيها أجمل قصائده التي ذاع صيتها بعد وفاته و ترجمت بعد ذلك إلى لغات كثيرة منها بالطبع العربية لأنه كان يكتب باليونانية ، عمل كفافيس في وزارة الأشغال حتى تقاعد عن العمل عام 1922 م ليتفرغ للقراءة و الكتابة ،
و كانت مقاهي الإسكندرية العتيقة تشهد جلساته مع الأدباء و الشعراء و المثقفين ، و أخيرا عانى من سرطان الحنجرة و أجرى جراحة في اليونان تسببت في أن يفقد صوته ، ثم عاد إلى معشوقته الإسكندرية ليموت في المستشفى اليوناني و يوارى الثرى في مدافن اليونانيين عام 1933 م .
متحف كفافيس . تصوير . عمر الرزاز