حينما كان المصريون يستخرجون تصريحا لدخول القاهرة …
كتب / خطاب معوض خطاب
المتولي و (المتدلي) على باب زويلة …
باب زويلة من أبواب القاهرة القديمة و يقع بشارع المعز و بجواره جامع المؤيد الذي اتخذ من برجي باب زويلة قاعدة لمئذنتي الجامع و يوجد بجواره من الناحية الأخرى سبيل أم المماليك السيدة نفيسة البيضاء و من الجانب الآخر توجد منطقة الخيامية و جامع الصالح طلائع بن زريك و يواجهه زاوية السلطان فرج بن برقوق .
و المتولي هو الشخص الذي كان مكلفا بجمع الضرائب و الرسوم مقابل دخول التجار و الباعة و أصحاب الحرف المصريين إلى القاهرة قديما و كان مكان تواجده بجوار باب زويلة لذلك أطلق على الباب أيضا (بوابة المتولي) فعندما أنشئت مدينة القاهرة (قاهرة المعز) كانت في ذلك الوقت ضاحية يسكنها الخليفة الفاطمي و رجال إدارته و قادة جيوشه و كان المصريون يعيشون في مدينة الفسطاط (عاصمة مصر قبل إنشاء القاهرة بمئات السنين) حيث كان يقيم بها عامة المصريين و خاصتهم و كان المصري في ذلك الزمان إذا أراد دخول مدينة القاهرة لابد أن يمر من خلال باب زويلة فكان التجار المصريون و غيرهم من الباعة و أصحاب الحرف يدخلون لأداء أعمالهم اليومية بتصاريح و مقابل رسوم خاصة و كان عليهم الخروج من القاهرة قبل دخول الليل و هكذا كل يوم و كان (المتولي) هو المكلف بجمع هذه الرسوم .
كانت القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية محاطة بأسوار تحميها من الأعداء و يتخللها عدة أبواب بقي منها باب الفتوح الذي كان مخصصا لخروج الجيش للحروب و باب النصر الذي كان مخصصا لدخول الجيش بعد الحروب و باب زويلة الذي كان هو السبيل الوحيد لدخول عامة المصريين القادمين إلى القاهرة في ذلك الوقت و مع الوقت بدأ المصريون يقيمون بالعاصمة الجديدة إقامة كاملة و لأنهم كانوا يقدرون و يجلون (المتولي)فقد أصبح مع الوقت في نظر المصريين وليا بل قطبا من أقكاب الصوفية و يذكرون اسمه مسبوقا بكلمة (سيدنا) بل و اعتقدوا في كراماته و أصبحت بوابة المتولي قبلة ذوي الحاجات فمن فاتها قطار الزواج و من تأخرت في الإنجاب و كل من له حاجة يأتي للبوابة و يعلق بها شيئا من (أثره) اعتقادا في كرامة سيدنا (المتولي) و قدرته على تحقيق المراد مع أن (المتولي) لم يكن في الأصل إلا (جابيا) كما أصبحت البوابة مقرا لتنفيذ حكم الإعدام شنقا في المجرمين حيث تظل جثثهم معلقة ليكونوا عبرة لغيرهم و كذلك أعدم السلطان سيف الدين قطز رسل هولاكو شنقا و علقهم على باب زويلة .
أما (المتدلي) فهو السلطان طومان باي آخر سلاطين المماليك الذي تولى حكم مصر بعد السلطان قنصوه الغوري و كان محبوبا من المصريين رغم قصر مدة حكمه (قيل إنه حكم 4 شهور فقط) و تصدى لهجوم العثمانيين على مصر بعد هزيمة السلطان الغوري و مقتله في (مرج دابق) و قاتلهم طومان باي في عدة معارك في صحراء الريدانية (العباسية و مصر الجديدة) و في (وردان) بالجيزة و بولاق و أبلى بلاء حسنا في التصدي لهم و كان ندا قويا لهم رغم قلة الإمكانات المتاحة له حيث كانت مصر تعاني إقتصاديا بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح و خسارة مصر بعد تحويل مسار القوافل التجارة التي كانت تمر بها و لولا هروب بعض الأمراء و خيانة آخرين و قلة العتاد و تطور الاسلحة العثمانية لما انهزم طومان باي الذي أصبح معشوقا للمصريين خلال مدة حكمه القصيرة لأنه نجح في تغيير صورة حكام المماليك في نظر المصريين فقد كان عادلا و محبا لعوام المصريين و لين الجانب و قليل الأذى غير متجبر أو متكبر منصفا ببين الرعايا و كان قويا لا يلين كما وصفه المؤرخ المصري (ابن إياس) .
بعد هزيمة طومان باي لجأ إلى صديقه الأعرابي (حسن بن مرعي) الذي وشى به إلى العثمانيين الذين تمكنوا من اعتقاله و حمله إلى القاهرة حيث واجهه السلطان العثماني سليم الأول الذي أعجب بشجاعته و صموده و اعتزازه بكرامته و كاد يعفو عنه إلا أن الخائن (خاير بك) الذي سبق و غدر بالسلطان الغوري و آخرون معه أوغروا صدر سليم الأول عليه و أقنعوه بقتله و فعلا قتل طومان باي شنقا على باب زويلة و ظلت جثته معلقة 3 أيام و ظل المصريون يبكونه 40 يوما .
المصادر :
كتاب الدليل الموجز لآثار القاهرة الإسلامية و القبطية في القاهرة (د.أبو الحمد محمود فرغلي) .
جريدة الاتحاد الإماراتية 26 أبريل 2014م .
كتاب شوارع لها تاريخ (عباس الطرابيلي) .
جريدة المصري اليوم 15 أبريل 2015م .