شيـخ الملحنيـن زكـريـا أحمـد
كتب/خطاب معوض خطاب
صداقة الشيخ زكريا أحمد بالشاعر محمود بيرم التونسي عجيبة ومثيرة للدهشة فلم يقتصر ما يربط بينهما على الأشعار التي كتبها بيرم ولحنها الشيخ زكريا، لكن من عجائب القدر أن بيرم التونسي رحل يوم 5 يناير سنة 1961م ليلة عيد ميلاد الشيخ زكريا أحمد الذي ولد بالقاهرة في 6 يناير 1896م، والأعجب أن يموت الشيخ زكريا أحمد ليلة الأربعين لوفاة رفيق حياته الشاعر محمود بيرم التونسي.
الشيخ زكريا أحمد كان والده حافظا للقرآن الكريم وكانت أمه من أصل تركي تهوي سماع التواشيح فاكتسب الشيخ زكريا من صغره الحس الموسيقي، والتحق بالكتاب لحفظ القرآن الكريم ثم درس بالأزهر الشريف ولكن تم فصله لدندنته بالغناء في رواق الأزهر الشريف، ولأنه كان يهوي قراءة القرآن والعمل بالإنشاد فقد عمل قارئا ومغنيا للتواشيح الدينية، وبعد ذلك درس الموسيقي علي يد الشيخ درويش الحريري الذي ألحقه ببطانة إمام المنشدين الشيخ علي محمود، و ددرس الشيخ زكريا أحمد الموسيقي أيضا علي يد الشيخ المسلوب وإبراهيم القباني وغيرهما.
بدأ الشيخ زكريا أحمد رحلته كملحن في عام 1919م بعدما اكتملت لديه معرفة الموسيقي و دتفاصيلها، حيث قدمه الشيخ علي محمود و دالشيخ الحريري لاحدي شركات الإسطوانات، وفي عام 1924م بدأ الشيخ زكريا أحمد التلحين للمسرح الغنائي ولحن لمعظم الفرق الشهيرة ومن بينها فرق علي الكسار ونجيب الريحاني وزكي عكاشة ومنيرة المهدية، وقد بلغ عدد المسرحيات والأوبريتات التي قام بتلحينها 65 عملا، لحن خلالها أكثر من 500 لحن، منها العديد من الألحان لأشعار رفيقه شاعر العامية الأشهر بيرم التونسى.
بدأ الشيخ زكريا التلحين للسيدة أم كلثوم عام 1931م، فلحن لها كثيرا من الروائع منها:(الآهات وأنا في انتظارك وأهل الهوي وهو صحيح الهوي غلاب)، بالإضافة لكثير من أغاني أفلامها، لكنه اختلف مع أم كلثوم وحدثت بينهما قطيعة فنية طالت لحوالي 12 عاما تقريبا، وانتهت هذه القطيعة بلقائهما مع بيرم التونسي في رائعة (هو صحيح الهوى غلاب) التي كانت آخر لقاء جمع كلمات بيرم التونسي بألحان الشيخ زكريا وصوت أم كلثوم، ومن المشهور والمثير معا أن هناك لحنا غنته أم كلثوم وينسب لبليغ حمدي لكن يثار في نفس الوقت أنه من ألحان الشيخ زكريا أحمد، و دهو لحن أغنية (أنساك)، لدرجة أن الراحل صلاح جاهين رسم كاريكاتير وقتها وكتب تعليقا عليه: أنساك يا سلام؟!، يا بليغ ده كلام؟!، أهو ده اللي مش لحنك أبدا!!!
في سنواته العشر الأخيرة أصيب الشيخ زكريا أحمد بمرض السكر، كما أصيب بالذبحة الصدرية، وبعدها تعرض لامتحان صعب وابتلاء عظيملا يتحمله أحد، فقد اختفي ابنه (إحسان) ولم يعثر له علي أي أثر بعد البحث الدائم عنه، وبعد اختفائه انتحر ابنه الثاني (يعقوب) فصبر على المرض وعلى فقدان ولديه صبرا عجيبا لم يعرف الناس تفسيرا له فكانت الإبتسامة لا تفارق شفتيه أبدا رغم مصابه الأليم، وبعد رحلة طويلة مع الإبداع والصبر رحل الشيخ زكريا أحمد الرجل الذي تحدى الدنيا بإمكانات الموسيقى الشرقية وترك وراءه حوالي 1070 أغنية بالإضافة إلى 56 أوبريتا وأسرة مكونة من أرملة و3 بنات صغيرات و3 أولاد صغار، وكانت وفاته في يوم 14 فبراير سنة 1961م بعد أن حضر ليلة الأربعين لصديقه ورفيق رحلته مع الحياة محمود بيرم التونسي الذى سبقه ورحل في 5 يناير سنة 1961م.
المصادر :
مقال الشاعر صالح جودت في مجلة المصور 24 فبراير 1960م.
مقال د.عمرو دوارة بمجلة الهلال يوليو 2014م.
مقال الباحث الفني وجيه ندا في دنيا الرأي.
الموسوعة في أعلام الدنيا صفحة 203.