أدم وحواءصحتك بالدنياعام
العصبية الزائدة …مرض أم سلوك ؟!
بقلم الإعلامية/ هبه عبدالجواد
فى ظل المتغيرات المجتمعية الراهنة من أعباء ومسئوليات عديدة باتت العصبية سلوكاً معتاد لمعظم الفئات سواء كانت العصبية الزائدة أو العصبية المعتدلة .
ربما هو تعبير غريب فهل هناك أنواع للعصبية ؟! وماهى مسبباتها ؟! وهل العصبية سلوك مكتسب ؟! أم هى مرض يستوجب العلاج ؟!
حقيقةً كلها تساؤلات صالت وجالت بخاطري قبل أن أبدأ بحثى فى هذا السلوك الذى أصبح يرافق كل الفئات من حولى وربما أكون أنا أحياناً منهم لذا دعونا نفهم معاً
ماهو معنى العصبية ؟!
فالعصبية هى نوع من أنواع المشاعر الإنفعالية التى يعانى منها الكثير فهى فى الأصل استثارة فسيولوجية ومجموعة من الأعراض الإنفعالية تهدف لإيذاء و معاقبة النفس والآخرين فهى ضغط عصبي ينتج عنه الخروج عن الشعور والإنفعال الزائد الذى ينتج عنه اضطراباً سلوكياً وعدم السيطرة بشكل أو بآخر على النفس فيتلفظ الشخص أحيانا بألفاظاً غير مسئولة أو يتفوه بكلام هو غير واعٍ لمعناه وأحياناً أخرى ينجم عنه قرارات تؤدى لعواقب وخيمة وندم فيما بعد .
والعصبية مختلفة أنماطها بإختلاف الأشخاص وطبيعتهم فهناك العصبية الزائدة والتى ينتج عنها سلوكاً يصبح جزأً لا يتجزأ من صاحبه ليكسبه سمة الحدية فى شخصيته والتى تؤثر على إتصاله بالمجتمع من حوله فتجده شخصاً حاد الطبع قليل العلاقات غير متواصل أو مندمج مع الآخرين من حوله . هناك أيضاً العصبية المعتدلة وهى التى تزول مع زوال المسبب سواء كان موقف بعينه أو أشخاص تسببوا فى إستثارة الإنفعال .
لذا يتضح لنا أن أخطر أنواع العصبية هى العصبية الزائدة لكن ماهى أسباب العصبية بصفة عامة سواء المعتدلة أو الزائدة ؟!!
هناك أسباب عديدة تؤدي بِنَا إلى هذه الحال منها عضوي ومنها نفسي فالعضوي قد يتسبب مستوى السكر فى الدم الغير منتظم فى العصبية وأيضاً من مسبباتها زيادة إفراز الغدة الدرقية والصداع والرشح والمرض بصفة عامة قد يكون أحياناً هو المسبب الرئيسى للعصبية ، و ربما تكون المرأة أكثر عرضة للعصبية الزائدة أكثر من الرجل بسبب التغيرات الهرمونية التى تحدث لها سواء فى فترة الحمل أو الطمث .
هناك أيضاً مسببات نفسية منها خبرات الفشل المتكرر والإحباط والإخفاق ، الإضطرابات النفسية المختلفة بسبب الضغوط النفسية بأنواعها ، أيضاً عدم إشباع رغبات الفرد سواء من إهتمام أو عطف أو حتى إفتقاد الحب ، كذلك كثرة الجدال والمناقشات أو حتى المزاح السخيف .
إقرأ المزيد
هناك أيضاً مسببات تربوية أهمها الاختلاف بين الزوج والزوجة وعدم التفاهم ، العقاب المبالغ فيه للأبناء أو حتى الدلال المفرط ، مقارنة الأطفال بغيرهم من أخطر الأسباب فإحباط الطفل يجعله عرضةً لأن يصبح بالغاً مصاباً بالعصبية الزائدة .
قد يكتسب الفرد هذا المرض من البيئة المحيطة به عن طريق التأثر بأحد من المحيطين لديه نفس السلوك العصبي .
فى الواقع مسببات العصبية لا تحصى فمن منا لا ينتهج هذا السلوك لسبب أو لآخر ربما يتولد هذا الإنفعال المدمر بداخلنا نتاج لكلمة واحدة مجرد كلمة قد تعصف بكياننا لتخرج بركاناً من الغضب من داخلنا لكن هل إنتبهنا إلى أن هذا السلوك قد يقودنا إلى أمراضٍ مزمنة وأحياناً يؤدي إلى الوفاة ؟!!
نعم تتسبب العصبية الزائدة فى الإصابة بأمراض خطيرة منها النفسي كالإنهيار العصبي الذى ينتج من تخزين المشاكل والمشاحنات فى العقل الباطن ليخرج دفعة واحدة على أقل الأسباب ويتسبب فى إنفعالات مدمرة تؤدى إلى الوفاة أحياناً .
هناك أمراض قلبية مزمنة الأزمات القلبية وأمراض الصمامات القلبية أشهرها تكون ناتج للعصبية الزائدة .
كذلك مرض السكر ، و إرتفاع ضغط الدم و من المذهل أيضاً أن هناك أبحاث ألمانية توصلت إلى أن العصبية الزائدة تسبب نقص المناعة ومن أول الأسباب التى تؤدي إلى السرطان . أيضاً الضغط العصبي يؤدى إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول الذى يؤدى إلى تراكم الدهون بمنطقة البطن و زيادة الوزن .
تتسبب كذلك العصبية الزائدة فى التأثير على المخ وتؤدى أحياناً إلى السكتات الدماغية والجلطات بأنواعها . و لا ننسى تأثيرها على الجهاز الهضمي وخاصة القاولون فيما يعرف بمرض القاولون العصبي . فالأمر حقاً ليس بالهين !!!
ربما نشاهد التعبير عن العصبية بين الأشخاص عبارة
تبادل لفظي أحياناً بشكل سلبي أكيد و أحياناً أخرى يعبر الشخص بشكل مختلف وهو الصمت والتخيل أنه يصرخ فى وجه المتسبب له فى العصبية وهناك من يعبر عن عصبيته بتحطيم الأشياء من حوله بالكسر والتخريب لا شعورياً وهذا هو الجانب العدواني للعصبية الزائدة وربما بداية السلوك العدواني فأحياناً ينفلت زمام الأمر لحد القتل فيكون الهدف إيذاء النفس أحياناً أو إيذاء الآخرين . هناك أيضاً من يفرغ عصبيته فى الكتابة وهذا أرقى أنواع التعبير عنها من وجهة نظرى .
حتى الطفل له أسلوبه فى التعبير فأحياناً بالعناد أو كسر ألعابه وأحياناً أخرى بإرتطام رأسه بالأرض أو الجدران فلكلاً منا أسلوبه سواء بالغين كنّا أو أطفال.
لكن دعوني أستوقفكم لحظات ما الذى يستدعي فى هذه الحياة أن نصل لهذا الكم من الأمراض والضغوطات ودروب العصبية المختلفة؟!!!!
لا شيء أعتقد يستحق لذا دعونا نتعرف على الحلول .
الحل لهذا المرض يتطلب منا فى الواقع تعديل النمط السلوكي لدينا فإذا كنّا آباء وأمهات يجب أن ننتبه جيداً ونحذر حتى لايصبح مرضاً نهديه كميراثٍ منبوذ لأبنائنا .
لأى شخص لا تدع السبل ممهدة لتكون مصدرا للطاقة السلبية لمن حولك ولا حتى تفتح المجال لتلك الطاقة اللعينة لتتحكم بك إلى هذا الحد .
تمرّن على حلول الأزمة العصبية بأشهر تمارينها والمعروف بتمرين النفس وهو أن تأخذ نفساً عميقاً حينما تشعر بالإستثارة العصبية وغير من وضعك فإذا كنت جالساً فانهض من مكانك والعكس فهذه الحركات تقلل من حدة العصبية بداخلنا .
كذلك يمكنك أن تغمض عينيك وتميل رأسك لدقائق قليلة إلى الخلف فيخفض أيضاً من العصبية .
لا تكلف نفسك إلا وسعها شارك غيرك همومك أو المسئوليات التى تستوجب وجود أشخاص بجوارك فالحياة مشاركة وكثرة الضغوط لا تؤثر إلا سلباً عليك نفسياً وصحياً .
كن بسيطاً فالبساطة بدورها تعطي راحة نفسية جديرة أن تغير حالتك المزاجية بشكل دائم وتخفف حتماً من الضغوط .
أخرج وتنزه وجدد من نشاطك ، إتجه إلى ممارسة الرياضة أو سماع الموسيقى الهادئة كل هذا يساعد فى كسر حدة العصبية والمؤثرات السلبية بداخلك .
إقرأ وأعمل على نفسك لا تكترث بفشل أصابك فلازالت فرص النجاح فى إنتظارك فالحياة متسعة بأشياء عديدة لا تقف عند نقطة سقوطك وإجعل منها بداية لإنجاز جديد.
إن سلكت كل الطرق ولَم تستطع السيطرة على إنفعالاتك أو التغيير من نفسك هنا يستوجب الأمر أن تراجع طبيب نفسي فلا حرج فى ذلك ، فمؤخراً أصبح الطب النفسي مهم ومتطور بشكل رائع .
وإلى كل من قرأ كلماتي رفقاً بكم رفقاً بنفوسكم ونفوس من حولكم .
أسلكوا كل طريقاً للسعادة والراحة النفسية فالحياة أقصر بكثير من أن نهدرها فى هموم وإنفعالات غير مجدية. فأخيراً لنعي جميعاً أن العصبية الزائدة مرض أكثر من كونه سلوك … فاجتنبوه!!
رئيسة قسم صحتك بالدنيا / نهى علي