بقلم// هبة كمال
كسوة الكعبة قبل الإسلام فقد وردت أقاويل عديدة عن أول كسوة للكعبة المشرفة منهم من قال أن إبراهيم “عليه السلام” أول من كساها ومنهم من قال إسماعيل “عليه السلام” ومنهم من قال أن الجد الأعلى للرسول وهو عدنان بن أدد هو الذى كساها ، ولكن اتفق العلماء على أن الحميرى أبى بكر سعد ملك اليمن أول من كسى الكعبة وظل من بعده خلفائه من اليمن حتى آلت الأمور إلى قصى بن كلاب الجد الرابع للرسول وأبو ربيعة عبدالله بن عمرو المخزرمى كان تاجرا ذومال كثير من قريش وهو الذى تولى أمرالكسوة واستكمل من بعده أهل قريش, وكانت أول إمرأة فى التاريخ تكسو الكعبة هى نُتيله بنت حباب زوجة عبد المطلب أم العباس حينما ضاع ابنها العباس وهبت إلى الله أن تكسو الكعبة إذا عاد ابنها وحينما عاد إليها ابنها كست الكعبة.
وعندما جاء الاسلام كان الرسول صل الله عليه وسلم أول من كسى الكعبة بعد فتح مكة ولم يفكر فى استبدالها حتى احترقت الكسوة على يد إمرأة تريد تبخيرها فقال الرسول صل الله عليه وسلم “هذا يوم عاشواء يوم تقتضى فيه السنه وتستر فيه الكعبة ” فقرر من بعدها بكساء الكعبة بكساءٍ يمانية ،واستكمل من بعده الخلفاء الراشدون أبو بكر الذى أخذ الخام من أقباط مصر وعمربن الخطاب الذى خصص من بيت المال جزء لكسوة الكعبة وكانت تأتى أيضا من مصر وعثمان الذى أول من كساها كسوتين فوق بعض ، أما علي فلم تشير الكتب عن كسوة الكعبه شىء ربما يرجع ذلك للفتنة التى كانت بينه وبين معاوية ،وهنا نجد الخلفاء الراشدون كان يأخذون خام الحرير لكسوة الكعبه من مصر وكانوا يصنعونها باليمن وكان الكساء باللون الأحمر والأبيض.
فى عهد الدولة الأموية كانت الكسوة ترسل من دمشق وتكسو مرتين فى العام باللون الأحمر واللون الأبيض.
وفى عهد الخلافة العباسية كان لمدينة تنيس المصرية ببورسعيد أجود أنواع الحرير فقرر الخلفاء بصنع الكسوة من الحرير الأسود وترسل باسم الخليفة العباسى ، واصبحت الكسوة فى عهد المأمون ترسل ثلاثة مرات يوم التروية باللون الأحمروغرة رجب باللون الاسود والسابع والعشرين من رمضان باللون الأبيض ، وكان الخلفاء يكتبون اسمائهم على الكسوة ويكتبون اسم الجهة التى صنعت بها والتاريخ .
وفى عهد الدولة الفاطمية ظلت مدينة تنيس تصنع كسوة الكعبة وترسلها باللون الأبيض وخرج منها أول محمل فى مصر فى عهد المعز لدين الله الفاطمى وكانت مزينة بالؤلؤ وبها الكتابات القرآنية وترسل معه مبلغ مالى ضخم.
وفى عهد المماليك كان بيبرس أول ملك يكسو الكعبة ب28ألف دينار وكساها بالذهب والفضة حيث لم يأتى من قبل مثل هذه الكسوة بلون هذا الحرير ،كذلك خصص الملك الناصر قلاوون قريتين بمصرجعلهم لعمل كسوة الكعبة بيسوس – أبوالغيث بالقليوبية فكان يرسلوا الكسوة السوداء من الخارج والكسوة الحمراء من الداخل وكسوة الخضرة للحجرة الشريفة وكانت تخرج من مسجد الحسين ، فكان سلاطين المماليك لن يسمحوا أن ينازعهم أحد من الملوك لنيل هذا الشرف.
وفى عهد العثمانين لقب السلطان سليم بخادم الحراميين الشريفين الذى اهتم بكسوة الكعبة وأضاف السلطان سليمان القانونى سبع قرى مصرية لصناعة الكسوة وظلت ترسل بانتظام فى عهد العثمانيين ولكن توقفت فى عهد محمد على بعد الصدام بين أتباع محمد بن عبد الوهاب 1222هـ/1807م ، ولكن عادت مصر لإرسالها بعد ست سنوات 1228هـ / 1813م وذلك حينما سقطت الدرعية وهى”تبعد عن الرياض20كم”على يديه عادت الحجاز للسيادة المصرية العثمانية وظلت ترسل مصر الكسوة سنوات عديدة وكان صناعته فى حى الخرنفش بباب الشعرية .
وفى عهد الملك فؤاد عام1346هـ/1927م أمر الملك عبد العزيز بالسعودية بإنشاء دار لصناعة الكسوة بمكة المكرمة وذلك لأحداث سياسية ربما بسبب القتال الذى دار بين حراس المحمل والمصريين والنجديين حيث حمل المصريين معهم من الموسيقى فهجموا عليهم النجديين وتبادل إطلاق النار بين الطرفين فظلت السعودية تكسوا الكعبة حتى توقف هذا المصنع عام 1358هـ / 1939م وعادت مصر بالاتفاق مع السعودية فى عهد الملك فاروق إلى فتح أبواب صناعة الكسوة بالقاهرة وإرسالها إلى للسعودية وظلت ترسل كسوة الكعبة حتى عام 1381هـ/1962م وكانت آخر كسوة ترسلها مصر إلى مكة فى عهد جمال عبد الناصر والتى ظلت مصر لسنوات عديدة ترسل الكسوة منذ فجر الإسلام حتى هذا العصر وذلك نظرا لاختلافات سياسة بين مصر و السعودية ربما يرجع ذلك إلى حرب اليمن توقفت مصرعن إرسال الكسوة وقامت السعودية بإعادة فتح المصنع الذى قد توقف لعدة سنوات ليبدأ من جديد بأرسال الكسوة 1397هـ/1977م حتى يومنا هذا ، وهى تحصل على القماش الحرير من أيطاليا والحزام الذهبى من ألمانيا ، ولا ننسى فضل قناة السويس التى ظلت معبرا لوصول الكسوة والحجاج إلى السعودية .