كتب/
خطاب معوض خطاب
الأمثال الشعبية المصرية هي ذاكرة الأمة الحاضرة في جميع الأحوال، فالمثل الشعبي هو الحكمة العفوية البعيدة عن التكلف والتضنع، وقديما قال العرب إن “الأمثال هي مصابيح الكلام”، والأمثال الشعبية في الأساس هي عبارة عن خلاصة تجارب وآراء حكماء الشعب المصري على مر التاريخ، وبالتالي أصبحت الأمثال الشعبية التي نتداولها بيننا حاليا مزيجا من تجارب جميع العصور التي مرت بها مصر.
والأمثال الشعبية لها جذور في التراث المصري منذ آلاف السنين، فلو قارنا مثلا بين قول الحكيم المصري القديم “بتاح حتب”: “اقض اليوم في سعادة ولا تجهدن من نفسك فإن أحدا لن يأخذ متاعه معه”، وبين المثل الشعبي “ما حدش واخد منها حاجة” لوجدناهما متطابقين، وفي أغلب الأحوال نجد أن المصريين على مدى الأزمنة المختلفة لم يتركوا أي موقف إلا ودللوا عليه بمثل شعبي، واللافت للانتباه أن لا أحد يعلم من وضع هذه الأمثال.
والأمثال الشعبية لم تترك شيئا إلا وأدلت فيه بدلوها، حتى الصراع بين الرجل والمرأة نجد أن الأمثال الشعبية قد فرضت نفسها عليه وأصبح لها الكلمة العليا في أي حوار أو نقاش بين الطرفين، والعجيب أننا نجد مثلا شعبيا ونقيضه في حوار ونقاش واحد، بمعنى أن هناك أمثلة شعبية تمدح أمرا ما وفي نفس الوقت نجد أن هناك امثلة أخرى تذم نفس الأمر، فهناك مثل يقول للمرأة: “يغلبك بالمال اغلبيه بالعيال”، ونجد في المقابل مثلا يقول: ” الراجل الخايب خلفته كتير زي البطيخة القرعة لبها كتير”، وكما نجد مثلا يقول: “من همه خد قد أمه”، نجد مثلا يقابله فيقول: “الدهن في العتاقي”، وكما نجد مثلا يقول: “حطي جوزك فوق السطوح لو ليكي نصيب فيه مش هيروح”، نجد مثلا يقول: “قصقصي ريش طيرك قبل ما يلوف على غيرك”.
والأمثال الشعبية عندنا ترسخ في مجملها فكرة نصرة الرجل وعدم إنصاف المرأة، أو بمعنى آخر ترسخ فكرة اضطهاد المرأة وتفضيل الرجل عليها، فمثلا نجد أن أمثالنا الشعبية تحرض الفتيات على الزواج من ابن العم: “آخد ابن عمي واتغطى بكمي”، و”زيتنا في دقيقنا”، لكن نفس الأمثال الشعبية تقول للرجل: “بارك الله في المرأة الغريبة والزرعة القريبة”، بينما نجد أمثلة أخرى تحرض الكرفين على الزواج من الغرباء مثل: “زواج القرايب جلاب للمصايب”، و”الاقارب عقارب”.
وترسيخا لفكرة نصرة الرجل وعدم إنصاف المرأة نجد أمثالا أخرى على شاكلة: “اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24″، “دلع بنتك تعرك، دلع ابنك يعزك”، ” إن مات ابنك انكسر ظهرك وإن ماتت بنتك اتستر عرضك”، و”يا مخلفة البنات يا شايلة الهم للممات”، و”أم البنت مسنودة بخيط وأم الولد مسنودة بحيط”، و”الست لو طلعت المريخ آخرتها بردو الطبيخ”، و”عقربتين عالحيط ولا بنتين في البيت”، و”جري الرجالة زي بحر النيل وجري الولايا زي نقط الزير”.
كما أن هناك من الأمثلة ما يمكن تصنيفه على أنه تميبز للرجل عن المرأة حتى لو كان معيبا مثل: “الراجل ما يعيبوش غير جيبه”، و” الراحل من غير كرش ما يسواش قرش”، و”ضل راجل ولا ضل حيطة”، و”الراجل في البيت رحمة ولو كان فحمة”، بينما لو كانت المرأة هي المعيبة تجد المثل القائل: “تغور العورة بفدانها”.
إقرأ أيضا
لكن المرأة لم تسكت على ما فعلته بها الأمثال الشعبية وكان ردها سريعا وقاسيا، فدخلت المرأة حرب الأمثال الشعبية بكل أسلحتها وابتكرت أمثالا تنصف المرأة وتهاجم الرجل: “جنازة بتار ولا قعدة الراجل في الدار”، و”جبت الأقرع يونسني كشف راسه وخوفني”، و” برة وجوة فرشت لك وأنت مايل وإيه يعدلك”، و”راحت رجال العز والهيبة وقعدت رجال ما تخشى العيبة”، و”اللي يشوفك يفتكرك فارس في ساحته ما يعرفش إنك حتى الشراب شاحته”، و”لو كانت الرجولة بالشنبات لكان الصرصار سيد الرجال”، و”يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال”.
وكما يقول المثل “المركب اللي لها ريسين بتغرق”، والمثل الآخر: “القفة أم ودنين يشيلوها اثنين”، فلابد من التعاون بين النساء والرجال لتستمر الحياة بعيدا عن حرب الأمثال.
للمزيد