بقلم /لطيفة محمد حسيب القاضي
الحديث عن الثقافة والأدب الفلسطيني يندرج تحت إنضاج وتبلور التجربة الثقافية ،حيث أن الشعب الفلسطيني عانى كثيرا من النكبات المتتالية ،و هذا له الأثر الكبير في ظهور الإبداع الأدبي ،و لقد شملت المعاناة كل المنعطفات الإجتماعية والسياسية.
ومن الوجع الفلسطيني عمل على تشكيل مواد دسمة من الأدب الفلسطيني. فكان الأدب يدعو إلى مقاومة الظلم والعنفوان وحب الوطن ،في ذلك الوقت أنغمست الصحافة في القضايا السياسية التي تعبر عن المعاناة
لقد ظهرت الصحافة والعمل الصحافي في فلسطين كخامس دولة عربية بعد مصر ولبنان وسوريا والعراق ، فكانت منغمسة في قضايا التحرير و مواجهة الخطر الصهيوني .
ففي فترة بداية الاحتلال كانت الصحافة متواجدة لهدف الحفاظ على الهوية الفلسطينية، نظرا للتضيق عليها ،عملت على تعزيز مفهوم الحقوق الوطنية في نفوس الفلسطينيين فظهرت العديد من المجلات والصحف التي تعكس المزاج الفكري، ومما لابد من الإشارة إليه أن بدء ظهور المجلات والملاحق الثقافية في فلسطين يعود إلى 1905؛فكانت بيروت أول المستضيفين للفلسطينيين، فاستضافت الشعراء والروائيين والفنانين من مختلف دول العالم.
فكان انطلاق أكبر الشعراء الفلسطينيين في بيروت فقد كانت لبنان ساحة للنضال والمقاومة ،فكان أول ظهور لمجلة رصيف 81 في لبنان ،وعلى الرغم من كون عمرها قصير إلا أن لها بصمة كبيرة في تاريخ الأدب والثقافة الفلسطينية .
فكان المثقفون الفلسطينيون جزءا لا يتجزأ من الأوساط الفكرية العربية، من حيث انتشار مستوى التعليم بين الفلسطينيين بطريقة كبيرة، فإنهم يعتبرون أكبر نخبة من المتعلمين في الوطن العربي.
فقد لعبت المجلات والصحف في تلك الأيام دورا كبيرا هاما سياسيا وثقافيا في مقاومة الاستعمار واستنهاض الشعورين الوطني و القومي.
عندما صدر العدد الأول من مجلة رصيف 81 قوبل بانتقادات كثيرة وقيل عن محرري المجلة أنهم لا يتقدمون في صنع الثقافة بل يشاهدونها عبر نوافذ من الرصيف، وتوالت ردود الفعل، فاعتبرها البعض مجرد مجلة متواضعة تحمل إبداعا، ولكن رؤية الرصيف تجاوزت كل التوقعات وفق ما قدمته.
ومع صدور العدد الثالث أعلن رسمي أبو علي وهو أحد الأعمدة المهمة في المجلة عن انسحابه ليصبح علي فودة رئيس التحرير، بالإضافة إلى ذلك كانت المجلة تصدر من غير ترخيص، وتمويلها يتم عبر مجهودات فردية.
للمجلة أغلفة جميلة وعناوين غير مألوفة، كانت مجلة ثورية بمفردات وأسلوب آخر غير الذي اعتاد عليه جمهور الفاكهاني والجمهور السياسي والثوري في ذلك الوقت؛ مجلة الرصيف كانت عبارة عن رؤيا مستقبلية ونهجا مستقبليا أيضا.
كان حجم المجلة (15×27 سم)، وتشكل فريقها بالإضافة إلى رسمي وعلي فودة، من سمير أنيس وآدم حاتم وأبو روزا وغيلان ومهدي قاسم، الآن هم ثلاثة فوق التراب وثلاثة تحت التراب، على فودة توفي في تراب بيروت، وآدم حاتم توفي في جنوب لبنان، وسمير أنيس توفي في تراب دمشق، والبقية الأحياء؛ الكاتب رسمي أبو علي في عمان يصعد فوق جبالها لرؤية فلسطين، وأبو روزا في شمال السويد، وغيلان في استراليا.
هولاء الكتاب الذين كانوا غير معروفين في جمهورية الفكهاني أصبحوا أبطالا، و زاد عددهم عن العشرة، وكان من بينهم عراقيون وسوريون وفلسطينيون ولبنانيون وأردنيون، وهم لم يكونوا الأكثر موهبة بل، تفاوتت الموهبة لديهم من شخص إلى آخر، كان لديهم حلم هادئ متمرد الأمر الذي أدى إلى نفخ رياح جديدة على المشهد الشعري في ذلك الوقت، واعتقد البعض أن هذه المجلة ربما تكون نهفة (أو طرفة)، لكنها شكلت دهشة لدى جمهور الفكهاني من حيث الفكرة واللغة والأسلوب، غير ما تعود عليه جمهور الفاكهاني والجمهور السياسي الثوري في بيروت.
المجلة شكلت تيارا جديدا مختلفا عن أي تيار ظهر في ذلك الوقت، فلم تكن المجلة تتبع تنظيما، فسعت لخلق تيار شعبي للمهمشين.
حملت المجلة بعضا من ملامح وشخصية علي فودة، إذ أن النشر لم يخضع لأي معايير فنية ولعل هذه الصفة هي التي ميزت المجلة عن غيرها، لنقرأ على صفحاتها تجارب شعرية متعددة وغير تقليدية.
كانت المجلة ذات بعد ومغزى سياسي لأنها جاءت لتناضل ضد المؤسسة والمؤسسات، فكانت هيئة التحرير تشير إلى خططها السياسية الفكرية (نحن شباب عرب -عراقيون وسوريون وفلسطينيون ولبنانيون و نحن أمميون ملتزمون أساسا بقضية الإنسان قبل أي شيء -الإنسان المسحوق)، بالإضافة إلى ابتكار (أدب الرصيف) على أنه ينتمي إلى زمن الصعاليك فكان يقوم على مهاجمة كل الأنظمة ومحاولة كسر كل الأعراف.
مجلة الرصيف ذات طبيعة استشرافية للمستقبل، تعمل على إعداد الذات من أجل المواجهة، مجلة الرصيف ذات فكرة و رؤية تحمل عناصر الديمومة وبسبب تجسيدها لقوة الضرورة الموضوعية.
أيضا شارك في (رصيف 81) صادق أحمد وحيد صالح وحسني البدري و صفوان حيدر قبل الاجتياح.