بقلم الأستاذة / فتيحة بن كتيلة مختصة في علم النفس
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
أخواتي حبيباتي أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأخت سهام على منحي هذه الفرصة لتعرف على هاته الوجوه النيرة والمضاءة في يوما سموه يوم المرأة أو عيد المرأة ولكنهم أخطاؤ فالمرأة المسلمة كل أيامها عيد .
حديثنا اليوم عن المرأة المسلمة.. منبت الرجال، ومنبع الأبطال.. ومُربية العلماء.. كيف لا، وقد كان أول من آمن بالحبيب ^ امرأة.. وكان سبب أسلام عمر امرأة.. والشافعي ربته امرأة فأصبح إمام الفقهاء.. والبخاري ربته امرأة فأصبح أمير المحدثين بل منازع.. والإمام أحمد ربته امرأة فأصبح إمام أهل السنة.. وغيرهم الكثير الكثير..فا فتخري عزيزتي لكونك امرأة …. ونتساءل ؟من هي
المرأة الإيجابية ….
الإيجابية هي الطاقة التي تشحذ الهمة، وتذكي الطموح، تدفع إلى البذل والعمل، واستثمار الواقع… الإيجابية دافع نفسي واقتناع عقلي وجهد بدني لا يكتفي بتنفيذ التكليف بل يتجاوز إلى المبادرة في طلبه أو البحث عنه، ويزيد على مجرد الأداء الإتقان فيه، بل يضيف إلى العمل المتقن روحاً وحيوية تعطي للعمل تأثيره وفعاليته، دون أن يخالطه جفاف أو جفاء أو تبرم أو استثقال.
وللإيجابية – عند المسلم عموماً– ركائز تقوم عليها، ودعائم تستند إليها، فالمسلم حامل رسالة ومبلغ أمانة، ولا يتصور من حامل رسالة نوم ولا كسل إن أدرك رسالته وعرف مهمته، وتأمل الخطاب الرباني القرآني للمصطفى – صلى الله عليه وسلم – في أوائل دعوته { يا أيها المدثر، قم فأنذر } ونتسائل كذلك لماذا
لماذا الحديث عن المرأة الإيجابية؟..
أن المرأة طاقة عظيمة، وقوة كبيرة في الخير أو في الشر.. إن استغلت في الخير أصبحت محضناً يربي الأجيال ويخرّج الأبطال، فهي مدرسة إيمانية كما قال حافظ:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
فهي مدرسة إن أُعدت لمهمتها..وإن أهملت إلى تيارات الفساد أصبحت معول هدم للأمة وباب فتنةٍ كبرى ومصيبةٍ عظمى..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء] رواه البخاري..
حاجة الأمة إلى جهود نسائها.. وتكاتفها مع الرجال لتكوين الأمة المسلمة القوية.. والنساء شقائق للرجال” و ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾…” فللنساء دور في بناء المجتمع والأسرة لابد من تفعيله.. ليس دور المرأة مقتصراً على الإرضاع والطبخ.. بل هناك دور أهم من ذلك وأعظم وهو تربية النشء ونشر الخير والمشاركة في بناء الأسرة المسلمة المتكاملة..
فلو عرفت المرأة الحياة لوجدت فيها أسباب كثيرة تحقق لها السعادة …بل تحقق لها الجنة في الحياة اقبل الدنيا قبل أن تراها في الآخرة .
وربما وقفت الواحدة منا في محطة من محطات الحياة متسائلة : ماهي غايتي من الحياة ؟ أثروة أبتغي حشدها؟ أجاه أصيبه؟ أم قدرة أكتسبها ؟ أم جمالا يبهر الناس ؟ أو علما ينفع ؟ أم تقوى تقربني من خالقي وتطمئن بها نفسي؟
وكثير من الواهمون يقولون أن السعادة وهما لا حقيقة له خيال يتغنى به الادباء والشعراء. ولنقل لهؤلا لا وألف لا مستحيل يخلقنا الله تعالى في هذا الكون الفسيح المليء بالخيرات والنعم والبركات وهو يريد لنا جميعا أن نشقى ؟
وكيف والله تعالى يقول لرسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم ( طه وما أنزلنا عليك القرآن لتشقى).
إذن السعادة ضالة الإنسان المنشودة . يسعى إليها في كل زمان ومكان .ويبحث عنها في كل مكان فمهنم من يرى انها في العمل ومنهم من يراها في تناول المهلوسات ومنها يراه في الزوج والأولاد …..تعدد الأسباب والهدف واحد .
لكن أخواتي السعادة تصدر من أعماق النفس , وتنبعث من مزاجك وتفكيرك ونظرتك إلى أمور الحياة وطريقتك في مواجهة الأحداث وفي رضاك عن نصيبك في هذه الحياة .
ومثال على ذلك : تدخل فتاتان إلى حديقة مملؤة بالورد فيريان وردة جميلة على غصن ، فتهم إحداهن بقطفها فيصاب بوخزة من شوكها ، فتقول لنفسها : ما أقسى الحياة وما أشقانا فيها حتى الورد أحيط بالشوك فلا نستمتع به…أما الثانية فتقول : لله در الحياة ما أبهجها وما أحلاها حتى الشوك قد وضع بين الورد الجميل .
لحظتم حبيباتي كل عبر من زوايته الكريمة .
يقول السعيد : إن كأسي ممتلئة إلى نصفها .
ويقول الشقي :إ ن كأسي فارغة إلى نصفها.
وهكذا تختلف نظرة الناس إلى الحياة .فكل شئ في الحياة له وجه جميل ,وآخر قبيح فخذ الدنيا بوجهها الجميل وحاول أن تنسى ذلك الوجه القبيح.
فالسعادة حبيباتي ليست في وفرة المال ولا سطوة الجاه ولا كثرة الولد ولا نيل المنفعة ولا في العلم المادي ….
السعادة شئ معنوي : لا يرى بالعين ولا يقاس بالكم ، ولا تحتويه الخزائن ولا يشترى بالدولار أو لدينار.
السعادة شئ يشعر به الإنسان بين جوانحه : صفاء نفس ، وطمأنينة قلب وانشراح صدر وراحة ضمير.ويقول الشاعر
لست أرى السعادة جمع مال ……ولكن التقي هو السعيد.
غالبا ما نبحث عن شئ لا نملكه وننسى ما نملك ولهذا تخسر الكثير ونخسر ما نملكه لأنه لم يقدره ويخسر مالا يملكه لأن رغبته لجامحة في الحصول عليه قد تنسيه الطرق السليمة لتحقيقه.
إذن كيف أحقق السعادة والرضى .؟؟؟ أول شئ حبيباتي هو أن
1- عيشي يومك بقول ستيفن ليكوك: ما أعجب الحياة ؟
يقول الطفل : عندما أشب فأصبح غلاما ويقول الغلام : عندما أترعرع فأصبح شابا.
ويقول الشاب : عندما أتزوج …فان تزوج قال عندما أصبح رجلا متفرغا.
فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التي قطعها من عمره فإذا هي تلوح وكأن ريحا باردة اكتسحها اكتساحا.
إننا نتعلم بعد فوات الآوان أن قيمة الحياة في أن نحيها نحيا كل تفاصيلها نعيش كل يوم منها وكل ساعة .
إن الوقت الذي نحيه حقا هو تلك اللحظة الراهنة
فالأمس انتهى …وغدا لا نملك ضمانا على مجيئه اليوم فقط هو ما نملكه ونملك الاستماع به.
نصيحة لا تكن كمن عاش شطر حياته الأول يشتهي الشطر الثاني …وعاش شطر حياته الثاني آسفا على ضياع شطر حياته الأول.
2- الاطمئنان النفسي: يجب اخيتي أن تتقبلي ذاتك وتقدريها وأن تعرفي مواطن القوة والضعف فيها بحيث لا تعاني الغرور أو الشعور بالدونية وتكوني قادرة على تغيير سلوكك عندما يقتضي الموقف معرفة النفس .
3- تقبل الذات : تقبلي ذاتك كما انت سواء من الناحية الجسمية والعقلية وعليك معرفة حدود إمكانيتك وأن تتصرفي وفق طبيعتك وعلى سجيتك دون تكلف في مختلف المواقف الحياتية ، لأن العفوية والتلقائية في التعامل مع الآخرين تجعلك لا تعانين من أي توترات نفسية .
4- كوني مفاهيم إيجابية عن ذاتك: إذا كان لديك مفهوم سوي عن ذاتك وواثقة بهذه الذات ..فإنك قادرة بلا ريب على تحقيق أهدافك والدأب والمثابرة في تحقيق هذه الأهداف كما تجعلك تقدمين على مواجهة المواقف بطاقة نفسية عالية تمكنك من الوصول إلى حلول مناسبة. ويكون لديك القدرة على العطاء الاجتماعي والسمو والتضحية .فالمراة لتي تتمتع بالتكيف السوي هي التي تنجح في إقامة علاقات ناجحة مع الآخرين .
5- اجعلي أهدافك واقعية : الشخصية المتكاملة هي التي تتار أهدافها ومطامحها بحيث تكون ممكنة التحقيق وتتلاءم مع إمكانات الفرد وما يدور في البيئة التي يعيش فيها حتى لا تتعرضين للفشل وخيبة الأمل لان هذه المشاعر تسبب لك احتقار الذات والشعر بالنقص
6- ان تكوني قادرة على اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية : من مظاهر الصحة النفسية القدرة الاستقلالية وتحمل المسؤلية
7- ان تكوني عاملة لا عاطلة ان تشتغلي ولا تتركي الفراغ: عن الفراغ أشبه بالتعذيب البطئ الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة وفي فترات انتظارهم هذه القطرات يصاب السجين بالجنون.فاعلمي اخيتي أن الراحة غفلة والفراغ لص محترف وعقلك هو فريسة ممزقة لهذ الحروب الوهمية .
فقومي صلي وافريئ واجتهدي وانفعي غيرك تعلمي حرفة .
8- ارضي بالقضاء والقدر: فال الله تعالى ( قل لن يصينا إلا ما كتب الله لنا) رفعت الأقلام وجفت الصفح..قضي الأمر, كتبت المقادير …وما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطاك لم يكن ليصيبك) هذه العقيدة اذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية العظيمة هينة ، والمحنة منحة ..وكل المشاكل جوائز وأوسمة …
9- لا تحسدي غيرك على ما اتاهم الله من فضله. الحسد شر وهو كالأكلة المالحة تنخر العظم وهو مرض مزمن يعبث في الجسم فسادا وقد قيل لا راحة لحسود…فهو ظالم في ثوب مظلوم…وعدو في جلباب صديق.. والحاسد يخاصم القضاء واتهم الله في عدله..وأساء الأدب مع الشرع وخالف صاحب المنهج.فابتعدي عن الحسد واستعيذي بالله من الحاسد فأنه لك بالمرصاد.
10- اقبلي على الحياة كما هي ولا تقلي ولا تحزني :أراد الله هذ الحياة أن تكون جامعة للضدين والنوعين والفريقين والرأيين خيرا وشرا ..صلاح ..وفساد…سرور وحزن….ثم يصفوا الخير كله والصلاح والسرور في الجنة .ويجمع الشر والفساد والحزن في النار.فاقبلي الدنيا كما هي وطوعي نفسك لمعايشتها ومواطنتها .فلا يوجد شخص اخذ كل شئ من الحياة .
وبهذه النصائح ستكونين امراة عظيمة امراة متوازنة تعرف نفسها وطريقها وتحدد هدفها ..
وهذه طرق لتنمية الإيجابية
تنمية الإيجابية:
1- الاتصال بالله.. والاستمساك بعروته.. فهي القوة الدافعة لكل خير الصارفة عن كل شر..
2- الاتصال بالوسط الإيماني..
كلما كانت المرأة في وسط نسائي صالح كان ذلك عوناً لها على زيادة الاندفاع إلى عمل الخير والصبر على المعوقات وقد قال الله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ..﴾. ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى…﴾
﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي..﴾
3- استشعار المسئولية..
– [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته].
– أنت مسئولة عن نفسك.. عن عمرك عن شبابك عن علمك عن مالك..
وما أُصبنا بالسلبية والدعة والسكون واللامبالاة إلا عندما قلّ الشعور بالمسئولية عن نعم الله.. ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم﴾.. نعيم العقل، والبصر, والعيش الرغيد، والمسكن الآمن..
4- البعد عن سفاسف الأمور.
كلما توسعت المرأة في المباحات ومتع الحياة ضعفت عن أداء الواجبات، وكلما ركنت إلى السفاسف والنزهات كلما قصرت في أداء الأمانات والواجبات بل وضيعت المسئوليات التي أنيطت بها.. اسعدكن الله .