إعداد بشار الحريري .. خاص مجلة سحر الحياة
تختص قوانين الأحوال الشخصية في الدول الإسلامية في تنظيم العلاقة الزوجية،فيما يتعلق بعقد الزواج و الطلاق و الآثار الناتجة عنهما …
وقد لاقت هذه القوانين و إلى اليوم نقدا من العديد من النساء في المجتمعات العربية و الإسلامية، باعتبارها غير منصفة للمرأة من حيث الحقوق، و عدم مساواتها بالرجل ، على الرغم من الأخذ بكثير من هذه الانتقادات في الكثير من التعديلات التشريعية التي تمت على هذه القوانين، إلا أن هذه التعديلات كما تراها الحقوقيات، الناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة لا ترقى إلى الطموح المرجو في إطار سعيهنّ لتحقيق المساواة مع الرجل.
و البحث في هذا المجال كبير جدا و يتطلب كتبا إن لم يكن مجلدات لا نستطيع التطرق له في هذه المقالة الموجزة، و التي سنخصصها عن أبرز حقوق المرأة المطلقة مع الأخذ بالقانونين السوري و المصري اللذان يلتقيان في اغلب النصوص القانونية في هذا الإطار ، لا سيما أن مصدر كليهما التشريعي واحد، هو الفقه الإسلامي مع الأخذ بالمذهب الحنفي .
أبرز حقوق المرأة المطلقة :
أولا – المهر :
” المهر : عبارة عن مال يقدمه الزوج إلى زوجته كهدية، و عطاء واجب بمجرد العقد الصحيح، أو بالدخول في العقد الفاسد.” .
المادة 51 أحوال شخصية سورية : ” يجب المهر للزوجة بمجرد العقد الصحيح، سواء سمي عند العقد أو لم يسمى، أو نفي أصلاً” .
و لا يعتبر المهر في اي حال من الأحوال ركنا من أركان عقد الزواج،و لا شرطا من شروط صحته.
لذلك جاز للزوج أن يدفعه عند العقد، أو تأجيل دفعه كله أو بعضه حسب الاتفاق .
و المؤجل مدته لأحد الأجلين الوفاة أو الطلاق .
مع التأكيد في هذا الصدد على أن :
– المهر حق للمرأة واجب على الزوج تكريماً لها، وليس ثمناً للاستمتاع بها كما قد يراه المنتدقون لقوانين الأحوال الشخصية . لأن اعتبار المهر مقابل الاستمتاع بها يتنافى مع كرامة المرأة وإنسانيتها .
فهو ليس كذلك بدليل :
– وجوب نصف المهر للمرأة إذا طلقت بعد انعقاد العقد وقبل الدخول بها، فلو كان المهر مقابل الاستمتاع، لما وجب لها أي قدر منه إذا طلقت قبل الدخول لعدم حصول التمتع بها.
– الاستمتاع في الزواج لا يكون من جانب الرجل وحده، بل هو استمتاع متبادل بين الزوجين. فإذا اعتبر المهر مقابل الاستمتاع بالمرأة، لما وجب لها مهر على الإطلاق.
– مع ملاحظة ما ذكرناه سابقا أن المهر ليس ركناً في عقد الزواج ولا شرطاً من شروط صحته.
ثانيا – الأشياء الجهازية :
إعداد الجهاز فهو على الزوج ولو قبضت الزوجة المهر, لأنه حق خالص لها.. ولو حدث أن جهزت الزوجة بيتها بمهرها فلها حق استرداده في أي وقت أرادت.
يذهب الفقهاء الأحناف إلى أن تجهيز مسكن الزوجية بجميع مشتملاته واجب على الزوج، ولا تطالب به المرأة ولو حصلت على المهر الذي هو حق خالص لها. و هو ما عليه القانون السوري.
والسبب في التزام الزوج بتجهيز مسكن الزوجية أنه ملتزم بنفقة الزوجة، وإعداد مسكن الزوجية جزء من النفقة الواجبة للزوجة على زوجها. وهذا الرأي هو المعمول به قضاءً في مصر.
لكن فقهاء المالكية يرون أن تجهيز منزل الزوجية يخضع لعرف الناس، وقد جرى عرف الناس على أن تجهيز مسكن الزوجية يكون على الزوجة في حدود المهر الذي تقبضه من زوجها، وقد يتغير عرف الناس في مكان معين، فيكون تجهيز مسكن الزوجية بالتعاون بين الزوجين كل بحسب قدرته وظروفه المادية،
مثال ذلك أن يوفر الزوج المكان وتقوم الزوجة بتزويده بالأثاث والأدوات المنزلية. ورأي المالكية يراعي ظروف الناس والحالة الاقتصادية في هذا الزمان، وهو الأولى بالتأييد.
وقد يجهز الأب ابنته في حدود المهر الذي قبضه، فيكون الجهاز ملكاً لها بمجرد الشراء من غير خلاف بين الفقهاء. وقد يجهز الأب ابنته من ماله الخاص ويسلمها الجهاز، فيكون ذلك على سبيل الهبة التي لا رجوع فيها بعد القبض. أما إذا سلم الأب الجهاز لابنته على سبيل عارية الاستعمال، كان الجهاز ملكاً له في حياته ولورثته بعد وفاته.
ثالثا – النفقة (نفقة المعتدة من طلاق ):
نفقة المعتدة من طلاق وفق القانون السوري :
تجب نفقة المعتدة على زوجها من طلاق أو تفريق بحكم القاضي, أم فرقة بفسخ … حيث تقدر نفقة المعتدة بمقدار النفقة الزوجية تماماً.
وقد حدد القانون النفقة بأن لا تتجاوز تسعة أشهر، وإذا كان للزوجة قبل الطلاق نفقة مقدرة، فإنها تنقلب بدون حكم إلى نفقة عدة بعد الطلاق أو التفريق بنفس المقدار.
وقد جاء في قرار لمحكمة النقض السورية أن النفقة المفروضة قضاءً, تفسخ النفقة المفروضة رضاءً … .
ولا بد من الإشارة إلى أن نفقة العدة تسقط بالنشوز كالنفقة الزوجية تماماً، وأيضاً بإنتهاء فترة العدة، و أقصاها تسعة أشهر .. .
و الجدير بذكره هنا أن النفقة المفروضة قضاء أو رضاء، لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
و قد نص قانون أصول المحاكمات السوري على عدم جواز الحجز على النفقة إطلاقاً.
نفقة المعتدة من طلاق وفق القانون المصري :
الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها تستحق فوق نفقة عدتها، متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل، ويجوز أن يرخص للمطلق سداد المتعة على أقساط حسب الوضع المادى للزوج المطلق .
ويشترط لإستحقاق المتعة أربعة شروط وهي :
ـ أن يكون الزوج دخل بالزوجة بعقد زواج صحيح.
ـ وقوع الطلاق بين الزوجين أياً كان نوعه.
ـ أن يكون الطلاق قد وقع بغير رضا من الزوجة.
ـ ألا تكون الزوجة هي المتسببة في الطلاق.
و نشير هنا إلى أن :
المتعة ليست نفقة إنما تعويض وجبر ضرر لخاطر المطلقة وتعويض عن آلامها النفسية التى ألمت بها من طلاقها ولا تعطى المتعة لمطلقة فى طلاق رجعي، كما تستحق المتعة متى ثبت الضرر بحكم تطليق نهائي طبقا للمادة 101 من قانون الإثبات.
ولن تقف حد النفقة للزوجة على المتعة فقط ولكن يتوسع الأمر فى حالة كونها حاضنة للأطفال بعد الإنفصال من الزوج ( المشرع السوري نحى ذات المنحى في هذا الصدد ), حينها يقرر قاضي الأحوال الشخصية بإقرار نفقة مشروطة بمعيشة الصغار معها حتى سن الثامنة عشر ، أو لحين إنتقالهم للعيش مع الأب في المستقبل وتقدر تلك النفقة بحسب المركز المالي للزوج المنفصل وطبيعة عمله التي ينظرها القاضي المعين لنظر القضية والتدقيق فى جميع تفاصيلها جيداً.
كما أن الشقة وفق القانون المصري من حق الزوجة المطلقة
في حالة كونها حاضنة للأطفال وقت الطلاق وهذا بنص القانون فالشقة من حق الزوجة الحاضنة لحين إنتهاء حضانتها وليس للأبد وسن الحضانة بالنسبة للصبي غير المميز العاشرة وسن الفتاة يقدر بالرابعة عشرة عاماً وبعد ذلك يتم تخييرهم بالعيش مع الأب أو الأم ، وإن كان الزوج لا يملك المنزل يتوجب عليه توفير مسكن مناسب للزوجة المطلقة ولأولاده بحسب الشرع و القانون .
رابعا – الحضانة :
حرص كل من المشرع السوري و المصري على أن يكون المحضث لدى الشخص الذي يوفر له الرعاية و الاهتمام ..
– و تعرف الحضانة بأنها الإلتزام بتربية الطفل المحضون و رعايته في سن معينة فيمن له الحق بذلك شرعا .
وقد فرض المشرع السوري فترتين من عمر الطفل قدر فيها حاجته في التنشئة و التربية .
فما دامت الزوجية قائمة بين الأبوين فإن الطفل ينشأ بين أحضان أمة و رعاية والده.
أما إذا وقع الطلاق بين الأبوين فإن مصلحة الطفل تتطلب وضعه عند من هو أصلح و اقدر على الاهتمام به و رعاية شؤونه في كل فترة من فترتي عمره.
و هذا يتوافر في الام عادة أكثر من الأب .
و قد أخذ المشرع السوري بما ذهب إليه الحنفية وفق الآتي :
(( حق الحضانة للأم وان علت .فلام الأب وان علت . فلأخت الشقيقة .فلأخت الأم فلأخت الأب . فبنت الشقيقة .فبنت لأخت الأم. فبنت الأخت الأب .فللخالات فللعمات بهذا الترتيب ثم للعصبات من الذكور على ترتيب الإرث ))
– وفي حال تعد أصحاب حق الحضانة فلقاضي حق اختيار الأصلح .
و بالتعديل الأخير للقانون فقد أتاح القانون السوري انتقال الحضانة من الأم المطلقة إلى الأب مباشرة دون مراعاة ما ورد أعلاه من ترتيب .
مع استحقاق الحاضنة أجرة لقاء الحضانة ، والأب مكلف بدفعها فإن لم يكن هناك أب فتكون على من يجب عليه نفقته.
و بالنسبة لمدة الحضانة
وفق القانون السوري بالنسبة للــغلام : حتى سن /13/سنة وللبنت ححتى سن /15/سنة .
ويكون مكان الحضانة خلال فترة قيام الزوجية في محل إقامة الزوجين ويتغير هذا من مكان لأخر إذا غير الزوج محل إقامته .
مع حق اي من الطرفين برؤية طفله ايا كان الحاضن له في حالة الطلاق سواء الأم أو الأب أو غيرهما .
ونصت المادة 20 «فقرة أولى» من قانون الأحوال الشخصية المصري : ” ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشر ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذا السن في البقاء في يد الحاضنة وذلك حتى يبلغ سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة”.
و من حيث النتيجة :
تبقى المرأة في الدعاوى الشرعية ( تثبيت الزواج، تبيت الطلاق ، النفقة ، التفريق ….)
هي الطرف الأضعف و لا سيما لجهة إجراءات التقاضي و مدتها الطويلة و هذا يتطلب تعديل قانون الإجراءات أو تشريع قانون إجراءات خاص بالدعاوى الشرعية يراعي مصلحة المرأة .
….
* للتوسع أكثر في الإطلاع على هذه الحقوق يرجى الرجوع إلى :
قانون الأحوال الشخصية السوري و المصري و شرحهما.