بقلم الأستاذة فتيحة بن كتيلة مختصة في علم النفس الجزائر.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
عظم الإسلام مكانة الوالدين فربط رضاه برضاهما ، وخصص للأم المكانة الأعظم لكونها أساس بناء المجتمع ودورها عظيم في تنشئة جيل المستقبل، وهذه المكانة حازتها الأم لصعوبة ما تقوم به في سبيل التربية .
ويصف الماوردي رحمه الله الأم مع أولادها فيقول: “والأمهات أكثر إشفاقاً، وأوفر حبّاً، لما باشرن من الولادة، وعانين من التربية، فإنهنّ أرقّ قلوباً، وألين نفوساً.
ومعنى الأمومة :
الأمومة مشتقة من الأُمّ ، وأُمّ كل شيء: معظمه ، ويقال لكل شيء اجتمع إليه شيء آخر فضمّه : هو أُم له (فأُمُّه هاوية) القارعة: 9.
والأمومة: عاطفة رُكزت في الأُنثى السوية، تدفعها إلى مزيد من الرحمة والشَفقة.
الأم في القرآن الكريم:
أم كل شيء: أصله وما يجتمع إليه غيره ، وبهذا المعنى ورد تعبير “أم الكتاب”: (آل عمران 7. الرعد:13، الزخرف 4) في القرآن الكريم ، ونحوه : “أم القرى” ( الأنعام: 92، الشورى7) ، وأم القرى: مكة قال سبحانه: ( وما كان ربك مُهلِك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً ) . القصص:59.
وقدس الإسلام رابطة الأمومة وظهر ذلك جليا من خلال الوصايا التي ذكرت في القرآن والسنة وتلك الوصايا بينت فضل ومكانة الأم فقال الله سبحانه وتعالى
: (ووصّينا الإنسان بوالديه حَملته أمه وَهْناً على وهن، وفِصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم
بما كنتم تعملون ) لقمان ففي الآية يوصي الله سبحانه وتعالى بالوالدين والإحسان إليهما حتى ولو كانا مشركين ولكن لا نطيع أمرهما فيم يخالف الأمور الشرعية لأن الله أحق بالطاعة .
وكرر الله سبحانه وتعالى وصيته بالوالدين في سورة أخرى في قوله تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ).الأحقاق
إقرأ المزيد الحقوق القانونية للمرأة المطلقة
وفضل الإسلام الأم لما لها من أفضال على الأسرة فهي التي تحمل وترضع وتربي وكلها مهام شاقة ومتعبة ، وللأسف الشديد غفل الكثير في وقتنا الحالي عن هذه المكانة فانتشر العقوق بسبب ضعف الوازع الديني ، فكلنا يعلم أن الأم قلب حان ولسان طيب المعشر ، فهي الدواء والبلسم الشافي هي الصيدلية والسكن ، تتحمل الجفوة والقسوة وخشونة القول ، تعفو وتصفح تحمل جنينها تسعة أشهر ، ينمو وتضعف ، تعاني قسوة الحمل والوحم والمخاض و تستقبل كل ذلك بفرح سرور وبهجة لا يعرفها إلا قلب الأم ،تعاني آثارا نفسية وجسمية ليخرج هذا الجنين للحياة سليما معافىا ، واذا ما أبصرته بجانبها نست كل آلامها ، لترى فيه بهجة الحياة وزخرفها وامتداد لها تسهر على تربيته ليلا ونهارا،
تقول عائشة – رضي الله عنها -: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم – فقال: { إن الله قد أوجب لها الجنة – أو أعتقها من النار [رواه مسلم]. الله أكبر.. ما أعظم الأم الصادقة المسلمة.
فلنتقي الله في أمهاتنا ولنقدر حق أمهاتنا حق قدرها ولنبتعد عن العقوق ،ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات )
وعند أحمد وابن ماجة أن النبي – صلى الله عيله وسلم – قال:{ إن الله يوصيكم في أمهاتكم } قالها ثلاثاً، وعند الترمذي في جامعه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: { إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حلَّ بها البلاء… وذكر منها: وأطاع الرجل زوجته وعقَّ أمه }.