شعر وحكاياتعام
تداعيات مُحبين…قصة عابرون في محطات الوهم
هويدا حسين أحمد
لم أكترث بمشاعرها الصادقة حينما وضعت كل ثقتها بي مرت مواقف عدة في حياتها كانت تشاركني فيها لم أكّـن لها أية مشاعر سوى إنني أراها زميلةً لي ناجحة في حياتها العملية فاشلة في علاقاتها بين البشر … تخاف من ظلها لا تثق بأحد غيري .
لم تكن ( ليليان ) سوى بطلة لكثير من القصص في مذكراتي التي كنت اُدونها كلما انتهيت من علاقاتي العاطفية ..
منذ التقيت بها بعد ثمانية أعوام من الغربة أهلكتني جعلتني حبيس الماضي.. ذكريات أصدقائي الجميلة التي بدأت تتلاشي شيئاً فشيئاً مع دوامة العمل والعلاقات الجديدة التي كونتها..
موجات من غبار الوهم أرصدها فيضيع العمر عاماً بعد عام
.
كانت بداية لقائي، بها مثل كل البدايات العادية حينما التقيت بها في مجال العمل..
باشرت لين عملها معنا في نفس القسم الذي أعمل فيه، عرفتني عليها أحدى صديقاتي..
( ليليان) موظفةً جديدةً لدينا ستكون المسؤولة عن قسم الشركات.. فمددت يدي بإلقاء التحية لها.. لكنها امتنعت من مصافحتي واكتفت بالإماء برأسها مع قليل من الابتسامة المكسورة التي تخفي كثيراً من الألم..
حاولت أن أفسر ما حدث من صديقتي ما بها هذة المغرورة لا تصافح بالأيادي..
ضحكات صديقتي أشعرتني بالغضب الشديد فأحسست بالإحراج…
انتهى الترحيب واستقبال موظفتنا المغرورة.. ورجعت إلى مكتبي متوعداً لها.. بإن أكسر حاجز الغرور بيننا .. حدثت رفاقي عنها فأحياناً أشعر بجنونها وإنطوائها الغريب فجميع من في المؤسسة يتعامل معي بكل ود…
مرت الأيام تتلوها الأيام وأنا في حيرةً من أمرها يعتريني الفضول لأعرف تفاصيلها بل إنتابني الفضول أكثر حينما عادت ( ليليان ) تطرق باب المكتب لتطلب أجازةً مني..
وبكل هدوء سألتها عن سبب الطلب الغريب فهي لم تباشر عملها سوى أشهر قليلةً .. فأجابتني كان الصوت يرتجف له القلب من الحزن ( لدي بعض الظروف الصعبة أجبرتني على ذلك )
لم أتردد للحظة واحدة أن أُصدق لها طلب الأجازة..
عادت رحى الأيام تطحن الوقت بسرعة فائقة لم يهتم أحد من الموظفين على غيابها سوى أنا.. مالذي جعلني أهتم بتلك الشخصية المتعجرفة التي لعبت دوراً في إحراجي أمام زميلاتي اللاتي كن يعشقن وجودي معهن في العمل فأنا أُعاملهن كأنهن أخواتي…
نخرج سوياً فروح الصداقة تبث طاقةً إيجابية .. تجعل حياتي المهنية جميلة لا أشعر بروتين الوقت الممل….
عادت (ليليان) تطرق قلبي من جديد .. كثيراً ما حاولت التقرب منها لكنها كانت تصدني ،بكل خوف .. كنت آرى في عينيها كثير من الألم حاولت معرفة مايدور حولها لكن دون جدوى فكما تقول حياتها الخاصة ليس للعبث ولا للخوض فيها ..
كثيراً ما كنت أراها من خلف الزجاج الفاصل بيننا تبكي كثيراً ..
وبينما جميع الموظفين يخرجون باكراً عادة هي تهلك نفسها في العمل لا تضيع وقت كزميلاتها في الخروج للمقاهي او المطاعم بعد انتهاء وقت الدوام المسموح به ..
تشغل نفسها بالقرأة تخرج بعد انتهاء الوقت بساعة وهذا ما كان يسبب لي أزمة فيلزم علي الجلوس في المكتب حتى يخرج أخر موظف من المؤسسة..
أحياناً كنت أتذمر كثيراً بوجهها وأطالبها بالخروج ولكن صوتها الهادئ وهدوء أعصابها يقتل في قلبي الغضب فأرجع مرةً أٍخرى لأنتظرها..
كثيراً ما كنت اراقبها أشاهد حركاتها العفوية وهي تحدق في جهاز الحاسوب وتحتسي القهوة وتهرب من كل الدنيا كأنها تتطير بالخيال آحياناً أترك مكتبي لأجلس معاها ومع هذا كله لم تعطني أي اهتمام كأنها لا تحس بوجودي حولها…
حتى رجعت من جديد محاولاً لفت نظرها أحضرت لها كوب قهوة غير الذي كانت تحتسيه وجلست في المكتب الذي بجانبها وسألتها.. ( ليليان) هل أنتي متزوجة… فكان ردها صاعقاً بالنسبة لي – ماذا يفيدك زميلي العزيز.. – صدمني الرد كثيراً قلت لها مجرد تعارف بيننا فأنا قد كتبت كتابي من حوالي سنتين وحتى الٱن لم أسافر لزوجتي فردت لي بكل تهذيب ( ربنا قادر على أن يجمعكما)
وبذلك أيضاً لم أجد الرد الكافي لجوابي.. وأخيراً إنتهى دوامها الإضافي وتريد الخروج وما يحير في الأمر أنها حينما خرجت قالت لي كلمة واحدة بإمكاني الخروج الٱن ام يوجد عمل إضافي .. حيرتني فقلت في نفسي هل هذه الفتاة عاقله فأنا أحاول من ساعةً شدها خارج المكتب… لأغلق المؤسسة وأذهب إلى منزلي.. عرضت عليها أن أوصلها إلى المكان الذي تريده لم تمتنع وأثناء سيرنا حاولت أن ألمح لها أنني مهتم بها.. كان بداية الأمر كيف أوقعها بشباكي وأجعلها تعاملني بلطف كما صديقاتها.. ونجحت في ذلك حينما حدثتها كثيراً عني و عن أصدقائي وعن والدتي وعن أخوتي، حاولت أنا أفهم منها مدى الحزن الذي في عينيها ولكنها لم تتفوه بكلمةً واحده…
شهور من معرفتي بها تغيرت كثيراً أصبحت مرنة أكثر تتعامل معي بالطريقة التي أحبها ،ينتهي الدوام نخرج سوياً نضحك ونسمع الموسيقى بل كنت أحس أنها أحبتني بكل تفاصيلي الصغيرة كنت اتواصل معها بعد إنتهاء فترة الدوام نتحدث في الهاتف لساعات طويلة.. حكت لي عن ظروفها التي تعصف بالجبال.. أحياناً كانت تبكي كطفلة في كتفي.. مالذي جعلني لا أكتب قصتها في دفتر مذكراتي الذي إمتلأ بالقصص ،لا أعرف مالذي أبهرني بها حتى عدت لا أطيق العطل الرسمية التي تبعدني عنها .. كنت أقضي جل الوقت وأنا أتواصل معها عبر الهاتف و وسائل الاتصال الأخرى .. فقدت السيطرة على مشاعري ولكنني لم أبح لها بحبي ولكن كل شيئ بيننا يثير هاجس الدهشة نحن نشبه بعضنا كثيراً في ضحكاتنا وأفكارنا ومعتقداتنا في الحب
ففي تفاصيل أول مكالمة بيننا تأكدت أنها الجزء الخفي الذي أستره من دفتر مذكراتي لا أبوح به في الورق كعادتي.. ولا أحاول حتى أن أيقظه من سباته في خيالي..
مرت أيام وأيام وأنطوت شهور وأنا مازلت على التواصل بيننا، كثيراً ما حاول الواشون إسقاط هذه الصداقة وإفشالها ولكن في كل مرةً تظل صداقتنا أقوى من ذي قبل..
حتى جاء ذلك اليوم الذي لم أحسب حسابة أن تترك (لين ) وظيفتها وترجع إلى حياتها التي التي طالما رفضتها دون أن تترك لي حتى رسالة وداع او حتى خبر
.. ماتركته لي مسبحة و ورقةً مكتوبة عليها بخطها تفاصيل أول لقاء … كنت أحتفظ بها من ضمن أوراقي كلما ضاق بي الحال أفتحها أحاول التمسك بها ..لاشئ سوى حروف عابرة تمر بي كما العابرون في أرصفة الوهم ،نعم هي تداعيات مُحبين… تطوف بنا نحو الحنين تبعث لنا وقوداً من أمل وقيدا من حديد كلما حاولنا النسيان جذبنا الماضي من جديد.. يقاتلنا بسيوفه المسمومة بالألم..
علمتني لين كيف يكون الإخلاص هو النجاة من الزمن وكيف أن الشخص الذي يحب يتجاهل عيوب من أحبه حتى لو كانت بحجم الجبال …
كل شيء من حولي صار من غير الوان روتيني حتى أصدقائي صاروا محطة من محطات العمر الذابل … أصافحهم وأجالسهم وروحي تطوف في ملكوت الغياب … رحلت لين ورحلت أنا ولم يبق سوى ذكرى جميلةً بيننا…. وكعادتي رجعت إلى صفحات مذكراتي ولكن هذه المرة لم أكتب بداية لقصتها التى كانت أجمل من قصة نيسانِ وتحرر وطني من آستعباد الظلم والقهر..
بل كتبت النهاية والتي ختمت بها آخر صفحةً في مذكرياتي..
… (ليليان)..
محطة من محطات العمر السخية تركت بصمتها.
حالةً عرضية بالنسبة لي لكنها طآلت …. حالة فرعية في حياتي ورجعت إلى أساسيات الواقع فبلا معنى وجودها
. إنتهى.