كتب/خطاب معوض خطاب
منذ فترة قريبة صدرت المجموعة القصصية “لم تعد كما كانت” للكاتبة والقاصة المبدعة “دعاء البطراوي”، والمعروف أن هذه المجموعة قد فازت في مسابقة النشر الإقليمي مما يؤكد تميز وإبداع الكاتبة والقاصة “دعاء البطراوي” وتفردها.
والكاتبة والقاصة “دعاء عبد السلام البطراوي” من مواليد محافظة دمياط، وهي حاصلة على ليسانس آداب وتربية قسم اللغة الفرنسية، ولها عدد من القصص القصيرة المنشورة بعدد من الصحف المصرية، ولها قصة فازت بالمركز الثاني سنة 2012 في مسابقة أدب الثورة.
وأما مجموعتها القصصية المتميزة “لم تعد كما كانت” فهي مكونة من 14 قصة قصيرة، ويتضح منهجها في كتابة قصص المجموعة من قراءة الإهداء فهو يعبر تعبيرا حقيقيا عن محتوى قصص المجموعة، فقد قالت في الإهداء: “إلى نفسي التي غادرتني، إلى ملامحي بالمرآة التي لم أعد أعرفها، إلى قلبي المعبأ الذي تحمل كثيرا… ولا يزال”.
كما أنها في المقدمة التي كتبتها قالت: “في حياتنا لحظات فارقة.. نتغير بعدها.. نستفيق من غفواتنا لنجد أن أنفسنا.. لم تعد كما كانت.
والجميل في المجموعة القصصية “لم تعد كما كانت للكاتبة والقاصة “دعاء البطراوي” أنها كتبتها بلغة عربية سليمة ومبسطة، وبها عدد كبير من الصور البلاغية، كما أن جميع القصص في هذه المجموعة تمتاز بأنها تكاد تعبر عن فكرة واحدة رغم اختلاف وتميز كل قصة عن الأخرى، وما استشفيته من خلال قراءتي لهذه المجموعة أن أبطال القصص جميعا منكسرون ومنهزمون داخليا، كما يتشابهون بأنهم يبكون وبكل صدق فقد جعلوني أبكي معهم، فمن خلال قراءتي لهذه المجموعة جعلتني الكاتبة وكأنني واحد من أبطال هذه القصص، وتعجبت كثيرا لأنها تكاد تكون قد كتبت عني.
وأثناء قراءاتي لقصص هذه المجموعة استوقفتني بعض العبارات البليغة التي خطتها الكاتبة المبدعة وجعلت أقرأها مرة بعد مرة.
فمثلا في قصة “مواجهة” كتبت القاصة “دعاء البطراوي”: “رأيتها ترمقني بعينين مدججتين بالغضب”، “نظراتها الثاقبة اخترقت أعماقي وتجولت في خلايا جسدي”، “رأيت دموعي تنثال على وجنتيها”، الآن تذكرت ذلك الوجه، إنه وجهي أنا”.
وفي قصة “حذاء نظيف” كتبت: “تقف عارية أمام مرآتها المشطورة نصفين، تصب لعناتها على رئيس التحرير والزملاء وأحذيتها التي لا تكف عن الإتساخ مهما توخت حذرها”.
وفي قصة “شعرة وحيدة بيضاء” كتبت: “عاتبت مرآتي لعدم مصارحتها لي بتلك الشعرة البيضاء في الصباح، فرأيت خجلا بعيني مرآتي لم أره من قبل”.
وفي قصتها “سجن” كتبت: “تدخل عالمها الخاص”، “تتعانق العيون”، “يفر النسيم من حولها”.
أما في قصة “كان هنا” فقد رثيت لحال البطلة، كما بكيت معها وهي تردد: “صدقوني.. كان هنا.. كان هنا”.
وفي قصة: “خلف الباب المؤصد” استوقفتني وأبكتني بشدة عبارة: “أشار إليها كي تلتقط زجاجته المكسورة التي تشبهها”.
وفي قصة “خربشات” شعرت وكأن الكاتبة تشرح وبإبداع معنى “كما تدين تدان”، وكأنها أيضا تبدع في تصوير الحكاية المأثورة القديمة التي سمعناها قديما “دقة بدقة ولو زدنا لزاد السقا”.
وفي قصة “كمثراة” استوقفتني عبارة “الأرض ظمأى وقليل الماء لا يرويها”، وفي قصة “بعثرة روح” وجدت “آدم” البطل مهزوما وأمه التي تظهر من بعيد وجدتها كذلك، وفي قصة “ماكياج” وجدت البطلة تدعي القوة رغم انكسارها وضعفها الداخلي.
وفي قصة “الظل” وجدت الأم تحكي لابنتها عن ظل الرجل الذي هو أفضل من ظل الحائط، وفي نهايتها تضحك البطلة وهي تقول: “انظري يا أمي.. هو ليس له ظل”، ورغم ضحكها إلا أنني شعرت بأنها تبكي من داخلها.
وفي قصة “البرص” تظهر الزوجة من بعيد وهي منكسرة، فهي حزينة من تغير حال زوجها وتقول “عين وصابتك”، ورغم ذلك يكسرها ويهزمها بولعه بفتاة صغيرة كان يطلق عليها “البرص”، وفي قصة “الرائحة” استوقفتني عبارة عن البطلة التي تدعى شريفة: “التفتت إليه وعيناها تقطران ألما فلم يعد لها نصيب من اسمها”.
وفي قصة “لم تعد كما كانت” استوقفتني كثيرا من العبارات التي أبدعت الكاتبة والقاصة “دعاء البطراوي” في نسجها، وأكتفي منها بهذه العبارة التي ختمت بها القصة: “وتبكي حين تنفرد بنفسها كل ليلة متطلعة لصورة قديمة لامرأة كانت تشبهها”.
وفي النهاية أقولها وبصدق: “لقد جعلتني الكاتبة والقاصة دعاء البطراوي أتجول بين حدائق الإبداع التي فاح عبيرها من خلال قصص مجموعتها “لم تعد كما كانت”، ودعواتي لها بالتوفيق دوما ومن نجاح لنجاح بإذن الله.
زر الذهاب إلى الأعلى