الذي سمي بـ (الفلسفة) وذلك تصديقا للحكمة القائلة ” الفلسفة أم العلوم “.
لقد ظهر الكثير من الأبحاث والدراسات التي تهتم بسبر أغوار النفس البشرية.
– ” طاليس ” مؤسس علم الفلسفة القديمة اشتهر بمقولته ” أعرف نقسك ” ومن خلال دراساته توصل إلى أن: الإنسان عبارة عن عنصرين منفصلين هما الجسد المادي والروح أو النفس.
– ” ديكارت ” في العصر الحديث رأى أن: سلوك الكائن الحي يشبه في سيره الآلة.
وقد تعددت المدارس الفلسفية وتنوعت على مدى التاريخ.
ومن هنا وجد ما يسمى الطب النفسي والمعروف باسم الأمراض النفسية والتي عادة ما تكون ناتجة عن اضطرابات عقلية ونتيجة ظروف قاسية وصعبة تعرضوا لها.
ومن أكثر المشاكل التي يعاني منها الكثير من الناس ومن أعمارٍ مختلفة مشكلة (التنمر)
التي عادةً ما تكون مدمرة لصاحبها وهي ظاهرة طغت وكثرت في عصرنا الحاضر.
من هنا وجدت الكثير من المصحات الاستشفائية لاحتضان هؤلاء المرضى ومعالجتهم.
وهنا تبرز أهمية الطب النفسي ودوره في شفاء الكثير من البشر، لأن من يصابون به هم أشخاص كانوا في أعلى درجات العقل والعلم والمعرفة والوعي، لكنهم أي هؤلاء الأشخاص تعرضوا للكثير من الصدمات والمآسي في حياتهم أوصلتهم إلى حالات نفسية أفقدتهم القدرة على التعايش بشكل طبيعي مع من حولهم فاضطروا لطرق غير سوية كي يتناسوا ما هم فيه كتعاطي المشروبات الروحية والمخدرات وهذا بحد ذاته يوقعهم في مشاكل أخرى ويعيق شفاءهم.
– بالعودة إلى حالة ” ديمي لوفاتو ” فهي فتاة أمريكية من مواليد 1992 , مغنية وكاتبة وممثلة برزت في كل المجالات التي خاضتها رغم صغر سنها وبسبب المجهودات الزائدة والمشاكل الأسرية التي تعرضت لها من جراء طلاق والديها عاشت حياةً مضطربة وعانت من (التنمر) الذي على إثره انهارت وفقدت السيطرة على مسار حياتها فلجأت لتعاطي المخدرات والتي زادت في تفاقم وتدهور حالتها الصحية، فتركت المدرسة وتعلمت في المنزل.
أتقنت فنون الرقص والغناء والموسيقا والرياضة وحصلت على مراكز متقدمة في كثيرٍ من المجالات، وأصبحت المتحدث الرسمي لمنظمة ” باسير” لمكافحة التنمر، كما عانت من اضطراب الشخصية ثنائية القطب “القهم العصبي” والذي قد يؤدي إلى إيذاء النفس.
دخلت المصحة النفسية وهي في الثامنة عشر من عمرها حيث تلقت عناية فائقة الأهمية،
وقد صرحت أنها تعلمت دروساً شديدة الأهمية من العلاج النفسي وهي أن تتكيف مع وضعها
وتعيش في سلام مع نفسها وجسدها.
بعد ذلك أصبحت محررةً في مجلة ” سفنتين ” حيث كتبت مقالاً وصفت فيه معاناتها،
وقد بثه تلفزيون “إم تي ” في فيلمٍ وثائقيٍ باسم “ديمي لوفاتو” “ابق قويا” وذلك عن فترة دخولها المصحة النفسية.
الكتاب “ابق قوياً365 يوماً ” في السنة، للمؤلفة ” ديمي لوفاتو” هو مزيج بين التنمية والسيرة الذاتية، وهو عبارة عن مذكرات كتبت بشكلٍ يومي لمدة سنةٍ يحتوي على اقتباسات من كتبٍ معروفة، وكلمات خاصة، نصائح واقتراحات، تأملات وأهداف يومية وخواطر.
لقد أعطت من خلال هذا الكتاب المتعة للقارئ دون أن يكل أو يمل.
وقد تحولت من مريضةٍ نفسيةٍ إلى شخصيةٍ مشهورةٍ جداً ومحبوبةٍ وذلك من خلال كتابها الذي خاطبت به كل الأعمار وتجاوزت صمتها ومرضها بالحديث عنهما بكل شفافيةٍ ووضوح.
من هنا تأتي أهمية الطب النفسي وبشكلٍ خاص في عصرنا الحاضر الذي كثرت فيه الصعوبات والأزمات على كافة الأصعدة.
هذه الأزمات التي انعكست بشكلٍ كبيرٍ على جيل الشباب حيث تراجعت لدى الكثير منهم فسحة الإبداع والعطاء بسبب الإحباط واليأس المسيطر على الساحة العالمية بشكلٍ عام وعلى الساحة العربية بشكل خاص.
من وحي كل ما تقدم ذكره ومن وحي إيماني بقدرة كل واحدٍ منا على العطاء والإبداع دعوة: بأن الحياة تستحق أن تعاش وذلك بالتغلب على الصعوبات والسير باتجاه أحلامنا وآمالنا وأمنياتنا وكل ما نحب أن نكون.
نتجاوز ثقافة الصمت والخوف من المجهول باقتحامه مهما كانت أعمارنا ومستوى ثقافتنا حيث يستطيع كل واحدٍ منا أن يكون منتجاً ومبدعاً في المجال الذي يجد نفسه فيه.