الفنان أحمد راتب الذي توفي في مثل هذا اليوم منذ 5 سنوات، وتحديدا في يوم 14 ديسمبر 2016، ويعد واحدا من ملوك الأدوار الثانية المتوجين، حيث أنه لم ينظر يوما لماحة الدور الذي يؤديه، بل كان ينظر دوما للأثر الذي يتركه هذا الدور في المشاهدين ولو كان دوره هذا عبارة عن مشهد واحد أو مشهدين، والفنان أحمد راتب له علامات مميزة وبصمات متفردة في السينما والمسرح والتليفزيون من خلال الأعمال الكبيرة والمتعددة التي أجاد وتألق فيها عبر أدواره المختلفة.
حيث أبدع في أعماله مع الفنان عادل إمام والتي قاربت على العشرين عملا فنيا، ومنها “السفارة في العمارة” و”التجربة الدنماركية” و”المنسي” و”طيور الظلام” و”الإرهابي” و”بخيت وعديلة” و”واحدة بواحدة” و”الزعيم”، كما أبدع في أعماله الأخرى مع غيره من الفنانين، ومنها دور مدير الأمن في فيلم “عسل أسود”، ودور القصبجي في مسلسل “أم كلثوم” الذي أداه بتمكن واقتدار، وكذلك دور السحت في مسلسل “المال والبنون”، ودور إيزاك بن عميتاي في مسلسل “رأفت الهجان”، وأدواره الأخرى في أفلام “الأولى في الغرام” و”صايع بحر” و”مطب صناعي”، بالإضافة إلى أدواره في مسلسلات “هند والدكتور نعمان” و”غدا تتفتح الزهور” و”أيوب البحر” وفوازير “جدو عبده زارع أرضه”.
وفي ذكراه الخامسة نستعرض معا 5 وجوه ظهر بها الفنان أحمد راتب في أعماله السينمائية:
1_ في البداية لعلنا جميعا شاهدناه في مسرحية “سك على بناتك” مع فؤاد المهندس وشريهان وسناء يونس ومحمد أيو الحسن حيث جسد شخصية سامح، الشاب الجامعي الذي يحضر للدراسات العليا مع الدكتور المشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة به ويريد أن يزوجه بإحدى بناته، ولا ننسى مشاهده مع الفنان فؤاد المهندس خصوصا حينما كان يناديه: “يا دكتور رأفت”.
2_ وبالطبع لا نستطيع أن ننسى تجسيده لشخصية عيسوي الفنان البوهيمي الذي يعتقد أنه فنان كبير، والتي قدمها في فيلم “يا رب ولد” عام 1984 مع فريد شوقي وسمير غانم وكريمة مختار وغيرهم، ولا ننسى جملته الشهيرة “أنا كائن بوهيمي.. أي يفعل ما يحلو له”.
3_ وفي فيلم “المنسي” قدم أحمد راتب نموذجا ودرسا لجميع الفنانين، فرغم أنه لم يظهر طوال مدة عرض الفيلمين إلا في مشهدين صغيرين، أحدهما في بداية الفيلم والثاني في آخره، إلا أن دوره هذا ومشهديه هذين لا يمكن لأحد أن ينساهما أبدا، حيث جسد شخصية فرغلي عامل السكة الحديد الذي يخاف من العفاريت والأشباح بكل اقتدار بأداء عالمي، ومن المؤكد أن جملته الشهيرة “طلعلولك يا منسي.. طلعولك” التي قالها آخر الفيلم لا يمكن أن تمحى من ذاكرة المشاهدين.
والغريب أن دوره في البداية كان عبارة عن مشهد واحد فقط في بداية العمل، ولكن المخرج شريف عرفة رأى أن نهاية الفيلم ليست جيدة، ففكر في اختيار أحمد راتب ليظهر مرة أخرى في المشهد الأخير من الفيلم، وتم تصوير هذا المشهد بعد انتهاء تصوير الفيلم كله بما يقرب من شهرين.
4_ وفي فيلم “طيور الظلام” ركز الجميع مع شخصية البطل فتحي نوفل المحامي الفاسد الذي يرتمي في أحضان السلطة الحاكمة والحزب الوطني وقتها، والتي جسدها باقتدار عادل إمام، وكذلك مع شخصية علي الزناتي المحامي المنتمي للجماعات النتطرفة، والتي جسدها بحرفية رياض الخولي، ونسى الجميع شخصية المواطن المصري البسيط الذي ليس له في الصراعات السياسية، ولا يهتم إلا بعائلته والحرص على تربية وتعليم أبنائه، بعدما كان أحد الناشطين سياسيا في شبابه المبكر، وهو الدور الذي برع في تجسبده الفنان أحمد راتب، الذي نجح في تجسيد شخصية محسن الموظف الذي لا يقبل الرشوة أو التزوير، ومرتبه لا يكاد يكفيه هو وأسرته، ويقضي وقته في المساء مثل غالبية الشعب المصري على المقهى ويكتفي بقراءة الصحف ومراقبة الصراعات من بعيد ونظرات الحسرة على حال المجتمع تظهر على في ملامحه، هو يعتز بصديقيه منذ أيام الدراسة بالجامعة، ولكنه يرفض أسلوبهما والطريق الذي سلكه كل منهما، ويختار أن ينزوي بعيدا عن الصراعات التي ليس له فيها.
5_ هذه المرة ربما لا نتذكر اسم الشخصية التي أكتب عنها، ولكن من المؤكد أننا نتذكر ملامح شخصية الرجل الصعيدي المغلوب على أمره، وهي شخصية شلبي ماسح الأحذية في مجمع التحرير والتي جسدها الفنان أحمد راتب في فيلم “الإرهاب والكباب” مع عادل إمام أيضا، ويقدم في هذا الفيلم واحدا من أجمل مشاهده في السينما المصرية، حيث يحكي في ذلك المشهد كيف تعرض للظلم في قريته، وكيف تأخر القضاء في إنصافه واسترجاع أرضه التي أخذها منه شخص من الشخصيات الهامة، حتى قتله وحكم عليه بالإعدام.