شعر وحكايات
رحلة الابحار في الأعماق
بقلم نجلاء فتحي عزب
م/و/ت
لم أدرك وقتها ما هو وكيف تسلل غموضه وهوله إلى قلبي الحزين
قلب عمره ١٣ عاما في المرحلة الثانية للتعليم الأساسي هكذا كانوا يطلقون علينا في تلك المرحلة الإعدادية
كنت سعيدة جدا لتخطي مرحلة الابتدائي والدخول إعدادي فقد كبرت
مدرستي الجديدة بعيدة جدا عن محور سكني في حي راق جدا في مدينتنا طنطا كنت فخورة انني انتمي لها
فيها أنشطة اكثر كالفنون الموسيقية والعروض الاستعراضية وبالطبع هذه ميولي ..
نعم تقابلت معها في طابور المدرسة اسمي نجلاء فتحي قالت وانا
هدى ظريف كانت مسيحية ولكن الدين عندنا لله قد نشأنا على ذلك كلنا نعيش إخوة في الوطن بحب وسلام ولما لا والمدرسة اسمها مدرسة الأقباط الإعدادية للبنات
ضحكتها صافية جدا، لفتت نظري لها جميلة رقيقة طيبة عطوفة فورا أصبحنا صديقتين يجمعنا مقعدا واحدا في نفس الفصل تخاف علي جدا تنتظرني نفطر معا نعمل “غديوة” بالمستطلح البلدي بتاعنا نروح الكانتين معا لنشتري الحاجة الساقعة والحلوى.
رحلة الابحار في الأعماق
يجمعنا عرض استعراضي بحصة الألعاب
تأتي معلمة التربية الرياضية تنادي نجلاء هدى يلا عالعرض ثم نسمع صوت معلم المادة التي تستأذن منه المدرسة
“والله مانتوا نافعين خالوا الهشتك بشتك ينفعوكوا “1
ونحن نكتم ضحكاتنا ونذهب مع المعلمة منتهى السعادة
نرتدي جيب شيفون لامعا وفي ايدينا رق آلة موسيقية على حروفها صاجات وفي إيقاع رائع مع التعداد بالخطوات الحركية مع المعلمة نميل بانسجام، ثم نعود إلى الفصل سويا طاقة رائعة جمعتنا لحظات جميلة مذاكرة لعب حكايات دموع للعقاب تسميع للدروس والأناشيد أوقات للأكل ..مدة سنتين كاملتين وفي العام الثالث قبل امتحان الشهادة الإعدادية بأسبوعين تقريبا..
رحلة الابحار في الأعماق
حتى جاء هذا اليوم
ذهبت إلى المدرسة بعد الإجازة الأسبوعية الجمعة صباحا أنظر هنا وهناك أين هدى؟!
لم تحضر لم تقل لي انها ستغيب اليوم ، انتظرت قليلا قبل الطابور ولكن لم تحضر وقفنا وفي اول الأمر مرت مراسم تحية العلم والكلمة والافتتاح بالقرآن الكريم والحديث الشريف وكلمة المديرة وقبل أن نغادر الطابور
نعلن لكم وفاة الطالبة هدى ظريف ووقوف دقيقتين حدادا على روحها الطاهرة ازاي
ماتت يعني خلاص مش هشوفها تاني ازاي
صدمة، رعب، خوف وجع ،و انهيار تحطيم احساسات عجيبة لم اشعر بها من قبل هزة عنيفة في هذا العمر الصغير الذي ليس بصغير لتلاشي فكرة الفراق وليس بكبير لإدراك هذا الأمر كل ماهنالك انني حاسة بمأساة وفقط..
دخلت الفصل وجلست على المقعد أنظر جانبي أين هي؟؟ اسمها مازال منقوشا على الديسك تذكرت هذا اليوم وهي تكتبه وعوقبت من المعلم لذلك وكنت لا أعلم أنها تكتبه حتى اتذكرها به، تذكرتها وهي تذهب هنا وهناك برشاقة جميلة كانت مثل الفراشة التي تتنقل بين الزهور بخفة ونشاط،
وأنا في توهتي واندهاشي خبط باب الفصل من طفل صغير في العاشرة أخوها ممكن اكلم نجلاء فتحي
تعالي يا نجلاء لم اعرفه لكن اعتقد تذكرت صورته فقد رأيتها مع هدى بألبومها ونحن نتعرف على أسرنا معا ماذا يريد؟؟
قال لي ممكن تيجي معايا البيت ماما تريد مقابلتك البيت قريب من هنا سانتظرك بره بعد جرس المرواح ، ذهبنا معا لم أذهب إلى بيتها من قبل صورها بكل مكان في المنزل
رحلة الابحار في الأعماق
وجدت سيدة حزينة باكية مكسورة عيونها منتفخة وحمراء من شدة البكاء واول ما وقعت عينها علي حضنتني واجهشت بالبكاء وظلت تشم رائحتي وتصرخ وتقول لي هدى آخر كلمة قالتها نجلاء كانت بتحبك اوي ارجوكي يا حبيبتي أبقى تعالي أشوفك لو سمحتي استأذني من مامتك وتعاليلي بشوف فيكي بنتي
كانت هدى يوم الخميس بعد رجوعها من المدرسة ذهبت لبيت لهم قديم يطل على مدرسة وهي في اثناء ما بتأكل الحمام الذي على سطوح بيتهم كانت غية كبيرة للحمام تبدر له الحبوب انزلقت قدمها ووقعت في فناء المدرسة صريعة واكتشفها البواب ليلا لانه بيبات في المدرسة..
هذه مأساتي في بداية حياتي اعتقد منذ هذا اليوم تشكلت شخصيتي الحزينة التي تهوى الحزن والشجن وهي احد الغرف المغلقة بداخلي من ذكريات الطفولة المؤلمة
التي لم اتجاوزها ولم اعبر هذا الحاجز الذي هز كياني وغير مساري من طالبة ناجحة وذكية ومبهجة لفتاة عايشه وفقط..
هزات عنيفة
نج لاء
اقرأ المزيد العلاج بالموسيقى