مقالات
الدكتورة “سعاد ماهر”.. حتشبسوت مصر المعاصرة
كتب/خطاب معوض خطاب
للأسف الشديد فإننا في بلادنا لا نهتم بالمبدعين والنوابغ رغم أننا نمتلك الكثيرين منهم، وتتمنى الكثير من الدول الكبرى أن تضمهم إليها بأي حال من الأحوال، والدكتورة سعاد ماهر محمد عالمة الآثار الكبيرة والملقبة بلقب “حتشبسوت مصر المعاصرة” واحدة من المبدعات النابغات على مستوى العالم كله، ولو أنصف الإعلام عندنا لسلط عليها الأضواء وصنع عن حياتها أفلاما ومسلسلات تظهر للعوام أفعال هذه السيدة التي يعرفها العالم كله ولا يعرفها الكثيرون من أبناء بلدها.
والدكتورة سعاد ماهر محمد واحدة من أكثر النساء تفردا وتميزا على مستوى العالم كله، ولو تخيلنا التاريخ رجلا لرفع قبعته وانحنى أمامها، تقديرا واعترافا بما قدمته من أعمال متميزة ومتفردة.
فالدكتورة سعاد ماهر محمد المولودة في 29 أغسطس 1917 بمدينة أسوان في صعيد مصر عالمة كبيرة وباحثة مصرية متفردة ومتميزة في مجال الدراسات الأثرية، وبخاصة في مجال الدراسات الأثرية الإسلامية، وهي حاصلة على ليسانس الآداب قسم التاريخ من جامعة فؤاد الأول سنة 1946، والتحقت بعد ذلك بمعهد الآثار وتخرجت فيه، ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه، وكانت رسالتها لكتوراه بمثابة أول رسالة علمية أكاديمية متخصصة عن الآثار الإسلامية في العالم كله، وعينت مدرسا بمعهد الآثار قبل تأسيس كلية الآثار التي تولت عمادتها سنة 1974.
وهي تعتبر رمزا كبيرا من رموز مصر العلمية ورائدة من رواد الآثار الإسلامية، وسجلت اسمها بأحرف من نور في سجل الباحثين والعلماء المبدعين بما قدمته في مجال البحث في الآثار الإسلامية وهو المجال الذي لم تسبقها إلى العمل به أي سيدة أخرى في العالم كله.
كما تعتبر الدكتورة سعاد ماهر محمد بمثابة مدرسة قائمة بذاتها في مجال البحث الأثري، ويكفيها ما أنجزته من موسوعات وكتب تعجز عن إنجازها مؤسسات دولية كبرى بكل إمكاناتها المادية والبشرية، ويكفيها موسوعتها عن العمارة الإسلامية عبر مختلف العصور، وموسوعتها عن محافظات مصر وآثارها، بالإضافة إلى موسوعتها الأشهر عن مساجد مصر.
والجدير بالذكر أن الدكتورة سعاد ماهر محمد قد أقامت بالأراضي المقدسة ما يقرب من 9 سنوات أنجزت خلالها موسوعتين عن مكة المكرمة والمدينة المنورة وإثارهما، وذلك بتكليف من مؤسسة اليونسكو لدراسة الآثار الإسلامية في الأراضي المقدسة.
وفي أواخر تسعينيات القرن العشرين تفرغت الدكتورة سعاد ماهر محمد لتدريس الفنون والعمارة لطلاب الدراسات العليا، وكانت وفاتها في سبتمبر 1996 عن 79 عاما.