مصير الجالية المسلمة في الدول الغربية تحت خط النار ..
بقلم الكاتب – محمد فخري جلبي
الأسلاموفوبيا وبحسب قاموس أكسفورد الإنجليزي يعرف بـ”الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام، كقوة سياسية تحديداً، والتحامل والتمييز ضد المسلمين” . وقد أزدهر الخطاب السياسي المعادي للمسلمين في عموم الدول الغربية في الآونة الأخيرة (فمن تصريحات ترامب المشينة ، إلى تعليقات وكيله الهولندي خيرت فيلدرز المقززة ، إلى تفاخر زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان بعدائها للمسلمين ) يعاني المسلمون أشد أنواع الظلم والتهميش والعنصرية الممنهجة في مختلف أصقاع الدول الغربية المتبجحة بالديمقراطية !!
وإكمالا لمسلسل الكره والكراهية والتمييز والعنصرية ضد الأسلام ، وأمعانا لتوجهات الصف الأول للسياسيين الغرب ، قررت محكمة العدل الأوروبية التابعة للأتحاد الأوروبي الثلاثاء إن من حق المؤسسات أن تحظر ضمن قانونها الداخلي أي إبراز أو أرتداء لرموز سياسية أو فلسفية أو دينية، بما في ذلك الحجاب، للحفاظ على حياديتها !! . وقد بات مطروحا على طاولة الأمم أتساع الشرخ بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى والملحدين على حد سواء ، كما أنه ليس من المستغرب قيام النخبة السياسية في الدول الغربية بمهاجمة الأسلام في كل مناسبة وفوق كل منصة متاحة ، ولاسيما بعد قيام محكمة العدل الأوروبية (وهنا يجب وضع ألف خط تحت كلمة العدل ) بالقفز على حبال الكلمات وتسييس المعطيات من أجل منع الحجاب .
وجدير بالذكر بأن التوجه الغربي العام ونشاطه المستمر بأظهار كراهيته للأسلام يملك تاريخه الطويل الممتد عبر السنين ، وإنما الأحداث الأخيرة فيض من غيض من سلسلة الحقد اللامنطفي ضد الأسلام والمسلمين .
وتعتبر الصهيونية العالمية السبب الرئيسي ومعول الشر في تكوين تلك النظرة العنصرية تجاه المسلمين ، مع التنبيه بتواجد حاضنة بيولوجية معدة مسبقا لتلك العقيدة في بعض الدول الغربية . فقد بشَّر عدد من المفكرين الغربيين المتصهينين منذ نهاية الحرب الباردة بضرورة مكافحة الدين الأسلامي كما وروجوا لبروز الإسلام كعدو خطير على أعتباره خطرا جسيما يهدد الغرب بدلا عن الشيوعية ممثلة في الأتحاد السوفياتي، ونجحوا بزجهم في فوهة الفكر الغربي لفكرة أنتهاء “الخطر الأحمر” الشيوعي وبروز “الخطر الأخضر” الإسلامي .
وضمن السياق نفسه أعتقد بأن تنامي مشاعر الكراهية وظهور مخالب العنصرية المرضية ضد المسلمين بالمؤشرات المرتفعة الأن يجب ربطها بأحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة ، وما كونته تلك الفترة الزمنية من أفراز حالة من الغضب الشديد ضد المسلمين على أعتبارهم المجرمين الأساسيين المتهمين بتلك الحوادث وكما روج الأعلام الأمريكي لذلك وبشكل مدروس من أجل ترسيخ هذه الفكرة ، مما أدى في نهاية المطاف إلى بلورة رؤية جديدة تتعلق بالخطر الأسلامي وأنعاكاساته على المجتمع الغربي ، هذا على الصعيد الأمريكي .
وأما على الصعيد الأوربي فقد توصلت القوى الظلامية إلى ضرورة خلق حالة من الفوضى والبلبلة في جسد المجتمعات الأوروبية من أجل تحقيق أهدافها ضد الكيان الأسلامي في المجتمع الأوربي ، ومن المفيد هنا التنويه بأن بعض شرائح المجتمع الغربي بدأ بفهم حقيقة مايجري ومايحاك خلف الكواليس ضد الأسلام ، فلم تعد التفجيرات الأرهابية والأعمال التخريبية التي يقوم بها بعض أفراد الجماعات (الأسلامية ) المتشددة تأتي بثمارها على النحو الأمثل . كما ولم تتمكن تلك العمليات الأرهاربية أن تستدرج ردات فعل عكسية لدى الشارع الأوربي يمكن الأستفادة منها من أجل دفع الأحزاب اليمنية المتطرفة في الدول الأوروبية لسدة الحكم ، مما دفع تلك القوى في حينها وبمشاركة عدة أطراف أوروبية بتأجيج الصراع ضد المسلمين وإلقاء قنبلة جرثومية في ساحات أعياد الكريسماس !! لما تحمله تلك الأعياد من معاني روحية وقداسة مفرطة لدي الشعوب الأوروبية والغربية بشكل عام . وتمت العملية من خلال نسج قصص وهمية حول أحداث مدينة كولونيا الألمانية في ليلة رأس السنة لعام 2016 ، ولقد تم أستغلال هذا الحدث كذريعة للحرب ضد المسلمين .
وللحديث عن تلك الواقعة ينبغي التوضيح بأن أعياد رأس السنة تشكل هاجسا أمنيا لدى الدول الأوروبية وتدفع قوى الأمن إلى حالات أستنفار قصوى ، يستحيل معها قيام مئات الأشخاص بحالات الأغتصاب والسرقة تجاه الاف من الأشخاص المحتفلين وكما حصل في كولونيا !!! وتأكيدا للرؤية التي طرحتها في هذا الملف فلقد صرحت صحف أميركية وبريطانية في حينها بأن أحداث كولونيا عشية رأس السنة تسببت في تغير كبير في توجهات الشعب الألماني والحزب الحاكم المتسامحة بشأن أزمة اللاجئين، وأوردت جميع هذه الصحف أن تلك الأحداث شهدت تجمع نحو ألف شخص (يبدو أنهم عرب من شمال أفريقيا والشرق الأوسط تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما) في الميدان الواسع بين كاتدرائية كولونيا ومحطة القطارات المركزية ونهبوا المارة وارتكبوا 500 حالة سرقة وتحرش ، بينها حالتا اغتصاب . أحداث هوليودية وسيناريو معقد تمت كتابته بأدق التفاصيل وأخراجها ضمن أفضل التقنيات العالمية في تلك الليلة ، والهدف من العمل السينمائي الضخم هو قلب الطاولة وخلط الأوراق أمام المدافعين من الأوربيين عن الوجود الأسلامي في الدول الأوروبية ولمنح الأحزاب اليمنية المتطرفة قوة دفع خيالية في الأنتخابات اللاحقة ، وقد نجحت الخطة وتمكنت الأحزاب اليمنية المتطرفة المنبوذة في المجتمعات الأوروبية آنذاك من رص الصفوف والأستحواذ على أصوات الناخبين .
هناك من يشعل الحرائق ويقطع حبال الود بين الشعوب الغربية والجاليات المسلمة في تلك الدول ، ويدفع المشهد نحو نقطة اللاعودة في العلاقات بين الطرفين من خلال العزف على أوتار الخوف لدى الشعوب الأوروبية .
موضوع البحث عميق ومليء بالشواهد التي تدمغ بشكل لاشك فيه حقيقة تلك القوى اليمنية المتطرفة وماتمارسه من أساليب شيطانية لتأليب المجتمع الغربي ضد المسلمين .
كما وتبذل تلك القوى جهود جبارة تتجلى من خلال الأقوال والأفعال في سبيل أشعال الحرب بين الجانبيبن ، ولعل من أبرز التصريحات المعادية للأسلام في الدول الغربية والتي يجب التوقف عندها هي تصرحات ترامب أمريكا وترامب هولندا ( خيرت فيلدرز) .
ويمكن تلخيص حالة العداء ضد المسلمين التي يعتنقها ترامب من خلال تصريحه ( لا يجب أن نكون ضحية لأعتداءات من أشخاص يؤمنون فقط بالجهاد، وليس لديهم أي أحترام للحياة الإنسانية ومعظمهم من دول ذات أغلبيات مسلمة كأفغانستان والعراق والمغرب وباكستان والصومال وسوريا وأزبكستان واليمن، كانوا قد أعتقلوا لتنفبذ هجمات أو التخطيط لها أو تدريب المجندين على أعداد المتفجرات أو مساندة جماعات أرهابية ، وأردف بغضب “نحن نتعامل مع حيوانات ” ، أما وبالنسية لكمية الضغائن التي يحملها ترامب هولندا (خيرت فيلدرز ) في جعبته فيمكن الكشف عنها عبر دعوته إلى “طرد” الإسلام من هولندا، وساوى بين القرآن الكريم وكتاب “كفاحي” للزعيم النازي الألماني أدولف هتلر، كما شبه المسل مع حيوانات ” ، أما وبالنسية لكمية الضغائن التي يحملها ترامب هولندا (خيرت فيلدرز ) في جعبته فيمكن الكشف عنها عبر داجد بالمعابد التي أقامها النازيون أثناء حكمهم لألمانيا في النصف الأول من القرن الماضي ، وقال فيلدرز إن “الأيديولوجية الإسلامية أخطر من النازية”، وكرر دعوته لحظر القرآن الكريم وإغلاق المساجد في هولندا .
وكما يتحصن ترامب خلف حشود الجماهير الغفيرة المؤيدة له ، يتلقى أيضا خيرت فيلدرز الدعم من بعض الأوساط الهولندية بل ويتخطى الأمر هذا الحد ليتحصل على الدعم من الأحزاب اليمنية المتطرفة في عموم أوربا ( فهم يشكلون جبهة موحدة ضد الأسلام والمسلمين ) !! حيث أعلنت مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف إلى الأنتخابات الرئاسية في فرنسا مرة جديدة دعمها لحليفها الهولندي خيرت فيلدرز الذي وصفته بـ”الصديق” و”الوطني” عشية الأنتخابات التشريعية في هولندا .
من البديهي بأن البدايات تؤكد النهايات ، وتوازيا مع مجريات الأحداث فأن مصير التواجد الأسلامي في الدول الغربية أصبح في مرمى نيران بنادق العنصريين ، ووفق تضافر جهود عدة قوى لزرع بذور الفتنة بين الأديان والحضارات فيما بينها ، وقد تجلت نتائج تلك الخطابات العنصرية إلى أزدياد الأعمال العدائية ضد المسلمين والعرب وفي حق المساجد ومقابر المسلمين التي تعرضت للتدنيس في أكثر من مناسبة، كما ظهرت مجموعات من شبان اليمين تعتدي بشكل منظم ومنهجي على المسلمين في شوارع وأزقة المدن الأوروبية كلما سنحت لها سانحة .
ويجدر التنبيه بالسياق نفسه بتواجد بعض العناصر الغربية المشرفة والمناهضة لتلك الأعمال العنصرية والمنددة بالأفكار المشبعة بالكراهية ضد المسلمين ، والتي لم تتوان عن تقديم كل مساعدة ممكنة للنسيج المسلم ،كما أن نشاطها المستمر باد للعيان من أجل تكوين مناخات إيجابية تدفع إلى منعطف الحلول والتشارك المجتمعي بين المسلمين وغيرهم . ومن ضمن تلك الأسماء رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” ، وقد صرح رئيس الوزراء الكندي عقب الهجوم المسلح الذي أستهدف مسجدًا في مقاطعة كيبيك قائلًا: “شعرنا بالألم في قلوبنا. كونوا على ثقة أن 36 مليون كندي يقفون ملء أفئدتهم إلى جانب مليون من أبناء المجتمع المسلم ” . كما وعبر ترودو عن دعمه المطلق للمسلمين وذلك بعد ساعات من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق دخول مواطني ستة دول أسلامية عربية إلى الولايات المتحدة حيث صرح ( ترودو ) “إن بلاده ترحب بأستقبال النازحين والفارين من الحروب والإرهاب والاضطهاد ” .
الأسئلة المطروحة ضمن تفاصيل المشهد المرعب الذي يلاحق المسلمين في بعض الدول الغربية هو ..
أين الحكومات العربية والمنظمات الأسلامية وجامعة الدول العربية ممايعصف بمواطنيهم في دول الأغتراب ؟؟؟
إلا يعد تسابق رؤساء الدول العربية إلى أحضان ترامب الكاره للمسلمين بمثابة تزكية و مباركة لتعنيف الجالية المسلمة في الشطر الأخر من العالم ؟؟؟
أترك الأجابة لك عزيزي القارىء وأنت تشعر ربما بالأمان والأطمئنان في بلدك العربي وعقلك الباطن ينفي أمكانية أن تصبح في يوم من الأيام لاجئا في دول الأغتراب ، كأفراد الشعب العراقي والسوري واليمني والليبي والسوداني ، والقائمة في أزدياد في ظل حالة التخبط والصراعات التي تمزق جسد الأمة العربية .