كتب بشار الحريري
عندما خرجت الدول الاستعمارية ( الحلفاء) من الحرب العالمية الثانية منتصرة عملت على تأسيس الأمم المتحدة و صياغة ميثاقها وكتابة الاعلانات و العهود والمواثيق الدولية بما يتوائم مع منظومة قيمها الفكرية و الأخلاقية السائدة في مجتمعاتها و التي لا تنسجم مع منظومة القيم الأخلاقية و الفكرية و الاجتماعية السائدة في مجتمعاتنا !!
و عملت منذ تلك اللحظة على تصدير قيمها إلى مجتمعات فيما كان يسمى دول العالم الثالث ( المتخلفة ) و ذلك من خلال تكريس ذلك عبر قرارات و إعلانات و مواثيق دولية كي يتاح لها التدخل في شؤون هذه الدول و تفتيت مجتمعاتها !
في الوقت الذي تعاني منه مجتمعات الدول الاستعمارية المنتصرة من التفتت الأسري و الاجتماعي و سيطرة العلاقات اللأخلاقية و اللا شرعية باعتبار ذلك حرية شخصية !
كانت مجتمعاتنا العربية و الإسلامية متماسكة و منضبطة اجتماعيا حيث كانت المرأة تشكل الأساس المتين لهذا التماسك باعتبارها المربية و الراعية الأساس للأسرة في زرع منظومة القيم الأخلاقية و الفكرية بين أفراد الأسرة ضمن ضوابط الحلال و الحرام ، و الحب و الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة في إطار عطف الكبار على الصغار و احترام الصغار للكبار، و بر الوالدين، و احترام الجار و، كل ذلك من خلال توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة .
حيث كانت المرأة تتولى منظومة التربية في الأسرة وغرس القيم الأخلاقية السليمة في إطار تحصين المجتمع من الانحلال الخلقي و انتشار الجريمة، كان الرجل يؤدي دوره التكاملي مع دور المرأة في إطار العمل و البذل و العطاء لتوفير مقومات الحياة الكريمة لأفراد الأسرة و التي هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع، فمتى صلحت صلح المجتمع، و متى فسدت فسد المجتمع .
كل ذلك كان محط اهتمام الدول الغربية من ساسة و مراكز بحث حول سر تماسك المجتمعات العربية و الإسلامية! و التي اوصلتهم إلى الخلاصة التالية :
” أن المرأة في المجتمعات العربية و الإسلامية هي أساس تماسك هذه المجتمعات و سر قوتها.
فهي الأم و الزوجة و الأخت و الإبنة و العمة و الخالة …الخ.
و هي رمز الكرامة و الشرف و الأخلاق فبصلاحها يصلح المجتمع و في فسادها فساد للمجتمع و انهيار له”.
لذلك جندت الدول الاستعمارية قديما بوجهها الجديد المتخفي بشعارات الديمقراطية و الدفاع عن حقوق الإنسان كل مواردها و مراكزها في إطار وضع الخطط و البرامج و الاستراتيجيات لتفتيت النسيج الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية من خلال استهداف المرأة فيها و سلخها من دورها الذي أوجبه الله عليها في بناء مجتمعاتنا و تحصينها .
و كان لهم ذلك من خلال تصديرهم إلى منظومة قيمهم الاجتماعية و الثقافية إلى مجتمعاتنا عبر شعارات براقة بظاهرها مظلمة في خوافيها كمن يدس السم في الدسم .
فكانت اتفاقية القضاء على كافة أشكال العنف و التمييز ضد المرأة ، و اليوم العالمي للمرأة و عيد الأم …إلخ
فبدل القضاء على العنف انتشر العنف و تفتت الأسرة و انهار المجتمع ، و بدل المساواة على أساس التكامل بين الرجل والمرأة إلى المناداة بالمساواة المطلقة بينهما و اختلاف الأدوار الجندرية تحت شعار حقوق الإنسان متناسين أن الإسلام هو أول من كرم المرأة و أخرجها من إطار العبودية إلى إطار التربية و البناء جنبا إلى جنب مع الرجل .