أغنية من أهم وأجمل الأغنيات التي تم تقديمها لتوثيق وتمجيد كفاح أهل بور سعيد والفدائيين الذين كافحوا وجاهدوا أثناء العدوان الثلاثي على بور سعيد، وهذه الأغنية من غناء الفنانة شادية ومن كلمات الشاعر إسماعيل الحبروك وتلحين الموسيقار محمد الموجي، ومقطع الفيديو المصاحب للأغنية به صور فوتوغرافية نادرة ومقاطع فيديو وصور من جرائد مصرية وأجنبية توثق لهذا الحدث.
ولنذكر بتسلسل أحداث ذلك العدوان الذي وقع على مصر نذكر هذه الأحداث بالترتيب: في البداية قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس بسبب رفض صندوق النقد الدولي إعطاء قرض لمصر لتمويل مشروع إنشاء السد العالي، وبسبب قرار صندوق النقد الدولي قرر عبد الناصر تأميم قناة السويس.
ولأن فرنسا قد فقدت نفوذها في منطقة قناة السويس، كما كانت تريد الانتقام من مصر بسبب وقوفها بجانب ثورة الجزائر، فقد اتفقت مصالحها مع بريطانيا التي فقدت نفوذها في مصر بعد الجلاء ومع الكيان الصهيوني المسمى بإسرائيل التي كانت تريد تدمير قوة الجيش المصري واحتلال سيناء، لذلك اتفقوا على العدوان على مصر وهو ما تم بداية من يوم 29 أكتوبر سنة 1956.
ففي ذلك اليوم هاجمت إسرائيل مصر واحتلت سيناء وواصلت قواتها الزحف باتحاه قناة السويس، وفي يوم 30 أكتوبر سنة 1956 أنذرت بريطانيا وفرنسا مصر وإسرائيل وطلبتا منهما وقف إطلاق النار بعد أن احتلت إسرائيل سيناء، وهو ما رفضته مصر بالطبع حيث كانت ترغب في تحرير سيناء، وفي يوم 31 أكتوبر سنة 1956 قامت الطائرات الفرنسية والبريطانية بغارات مكثفة على القاهرة والأسكندرية.
وفي يوم 2 نوفمبر 1956 هاجمت طائرات العدوان منطقة أبي زعبل شمال القاهرة حيث قامت بتدمير هوائيات الإرسال الرئيسية للإذاعة المصرية مما أدى لتوقف إرسال الإذاعة المصرية في ذلك الوقت، وفي الوقت الذي ظن المعتدون أنهم أسكتوا صوت الإذاعة المصرية التي كانت تفضح عدوانهم، إذا بالإذاعي السوري “عبد الهادي البكار” يضرب أروع الأمثلة في التلاحم والتوحد بين العري ويمسك بميكروفون الإذاعة ويقول بأعلى صوته: “هنا القاهرة من دمشق، هنا القاهرة من سوريا، لبيك لبيك يا مصر”، ويشعل الحماسة في قلوب العرب أجمعين فتنطلق المظاهرات في العالم العربي كله منددة بالعدوان الغاشم على مصر.
وفي نفس اليوم أصدرت الأمم المتحدة قرارا بوقف إطلاق النار، وفي اليوم التالي هددت موسكو باستخدام القوة النووية في حالة استمرار العدوان على مصر.
وتوقف العدوان على القاهرة والأسكندرية بالفعل، ولكن في يوم 5 نوفمبر سنة 1956 قامت الطائرات البريطانية بالإغارة على بورسعيد، حيث أحرقت حي المناخ بقنابل النابالم المحرمة ودمرت منطقة الجمرك القديمة وعدد من العمارات السكنية، كما هاجمت القوات البريطانية مطار الجميل غرب بور سعيد حيث تصدى لهم رجال المقاومة الشعبية البواسل في بطولة نادرة ضاربين أروع الأمثلة في التضحية والفداء وكان من بينهم البطل محمد مهران الذي اقتلع الإنجليز عينيه ولكنه لم يفقد شجاعته ولا فدائيته ولا حبه لبلده، وكانت القوات الفرنسية المشاركة في العدوان قد نزلت في منطقة الرسوة جنوب بور سعيد.
وفي مثل هذا اليوم الموافق 7 نوفمبر، قبل المعتدون قرار وقف إطلاق النار، لكنهم ظلوا في منطقة بور سعيد التي أذاقتهم المرار بتصدي أهلها للعدوان بكل ما طالته أيديهم من سلاح أو عصي أو “أغطية الحلل”، فقد نجحت المقاومة في خطف الضابط “أنطوني مور هاوس”، ابن عمة الملكة أليزابيث ملكة بريطانيا، كما تم اغتيال الماجور “جون وليامز” رئيس مخابرات القوات البريطانية في بورسعيد، وقامت المقاومة أيضا بالتعاون مع مجموعةمن قوات الصاعقة المصرية بمهاجمة الدبابات البريطانية بالصواريخ في شوارع بورسعيد، كما تمكنت المقاومة من مهاجمة مقر كتيبة بريطانية كانت في مبنى مدرسة الوصفية نهارا، ومهاجمة الدوريات الراكبة والسائرة لقوات العدوان بالقنابل اليدوية، وهو ما كلف القوات المعتدية خسائر كبيرة تسببت لها في فضيحة عالمية كبرى.
وفي يوم 22 ديسمبر 1956 صدر قرار المعتدين بالانسحاب من مدينة بور سعيد الباسلة، وفي يوم 23 ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بور سعيد بعد مرور 48 يوم من بدء العدوان عليها، وخرجت مصر بعد العدوان عليها وقد كسبت نصرا سياسيا كبيرا بانسحاب المعتدين رغم الخسائر الكبيرة التي خلفها العدوان الغاشم.